
قصائد تعبر الغيم في بيت الشعر بالشارقة
نظم بيت الشعر في الشارقة أمسية شعرية يوم الثلاثاء الموافق 18 نوفمبر 2025، شارك فيها كل من الشعراء: طلال الصلتي، طيبة جليل، و علي حسن المؤلف، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكي مدير البيت، وجمهور من النقاد والشعراء ومحبي الشعر.
قدم الأمسية الإعلامي أحمد شبيب، التي استهل تقديمه بالترحيب بالحاضرين، رافعا الشكر لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة على رعايته لمنابر الإبداع، وقال: " تَحيَّةُ إجْلالٍ وامتِنانٍ إلى صاحِبِ السُّموِّ الشَّيخِ الدُّكتور سُلطانِ بنِ مُحمَّدٍ القاسِمي، عُضوِ المَجلِسِ الأعلى، حاكِمِ الشارقةِ، الذي جعلَ من الكِتابِ سلاحاً، ومن الحَرفِ مِفتاحاً، ومن الشَّارقةِ منارةً للعَقلِ والرُّوحِ والجَمال".
استهل الأمسية الشاعر طلال الصلتي، بقصيدة "زاهد" وفيها عبر عن رؤيته للحياة، وعلاقته بالشعر، وتأملاته في وجوه المعاني ومراياها، بلغة شعرية تميزت بالفخامة في الصورة والأخيلة، قائلا:
أنا رجلٌ من عليَةِ القومِ زاهِدُ
وجوهي كثيراتٌ، وأمريَ واحِدُ
أمرُّ على الدنيا مُرورَ مُودِّعٍ
لهُ حيثُما ألقى الرِحالَ شواهدُ
أسيرُ كثيرًا في المجازاتِ، إنَّ من
يصيدُ المعاني المستحيلاتِ صائدُ
توقفتُ بالبابِ الذي لا أُريدُهُ
غداةَ اختَفَتْ بين الضلوعِ المساجِدُ
ثم قرأ نصًّا ذاتيًّا، تجلت فيه الحوارية والمخاطبة للآخر القريب، وربما القصيدة التي يراها أنثاه، وكيف تقبل عليه وهو منشغلٌ بمناخات أخرى، فتعيده إليها، يقول:
أجتازُ مصباحًا، وأَعبُرُ شارِعَا
ظمئًا إلى المَعنَى القَصيِّ.. وجائِعَا
منذُ انشَطرتُ على الطريقِ تساقَطَتْ
روحِي على الوَترِ الرَّشيقِ.. أصابِعَا
منذُ انشَطرتُ غَدوتُ أنبَلَ شاعِرٍ
أَنْ كنتُ للمعنَى المُشتَّتِ جامِعَا
لا تَسأَلينِي: كيفَ أدخلُ ضائِعًا
بابَ القصيدةِ، ثُمَّ أخرُجُ ضائِعَا
بعد ذلك، قرأت الشاعرة طيبة جليل، وهي من الجامعة القاسمية، قصائد تميزت بعمق لغوي ورؤية فنية، ما يبشر بشاعرة ترسم طريقها بثقة، واستهلت بقصيدة تقطر ماءً ورقة عنوانها عزف على جناح الغيم، منها:
لَمّا الْتَقَيْنا.. والحَياةُ ثَوانِ
أَغْمَضْتُ خَوْفَ فِراقِنا أجْفاني
وحَفِظْتُ عَنْ ظَهْرِ الفؤادِ مَلامِحاً
أشْهى مِنَ "البَرْحِيِّ" والرَّيْحانِ
رُوحٌ تَسيرُ كما القَضاءِ بأضْلُعي
فَتَقودُني لِحَرائقٍ وجِنانِ
ثم قرأت نصاً آخر بعنوان "أكبُر" مجسدة فيه ثقتها بالنفس، وهي تعدو إلى الأعالي بطموح تدفعه طاقة شابة للوصول إلى مدن الدهشة والجمال، تقول:
نعم، لا شك أني سوف أكبُرْ
وفي الطُّرقات وحدي سوف أعبُرْ
ألوِّح للغيومِ فتحتفي بي..
وتبسُمُ لي، وتُدنيني فأقطُر
وأَهْمِي -إن هَمَيتُ- على زهور
لأوقظَ عِطرَها الغَافِي وأنثُر
كعصفورٍ يخال الكون بيتاً
متى ما أبصرَ الأحلام ينقُرْ
واختتم القراءات الشاعر علي حسن المؤلف، الذي حلق بنصوصه، متأملا الحياة، وهو ينظر إليها من أفقٍ بعيد، متخذا من اللغة وسيلة للتحليق والوصول، ومن قصيدة "الآن أبدأ في اعترافي":
يا وجهَ أمَّكِ ما قبَّلتُ صورتهُ
إلاَ وقطَّعتهُ من فرطِ تقبيلي
ألقيتُ خطوي على خطوي وجئتُ لكي
أقطَّعَ الدربَ تقطيعَ التَّفاعيلِ
ملطَّخًا بالنُّبوَّاتِ البعيدةِ لا
يُوحى إليَّ ومنْ إلاكَ يوحي لي ..؟
أنا وعينُكَ إنسانانِ ما انهمرا
إلا وبلَّهما فيضُ التَّهاليلِ
ثم قرأ نصا بعنوان "كأسٌ لآلامِ النَّدامى" شكله فيه الأمل بوجع الألم، وهو يمر عبر ذكريات الأصدقاء الذين تشارك معهم هموم الحياة وأفراحها، يقول:
جاؤوا الحياةَ محاربينَ قدامى
هزموا الجِراحَ وروَّضوا الآلاما
رسموا نوافذَ لا تطلُّ سوى على
الغَدِ ثمَّ منها طيَّروا الأحلاما
بشفاهِهم ربَّوا عصافيرَ الكلامِ
فعلَّموا الحجرَ الأصمَّ كلاما
همْ أهلُ (لا) قالوا: لئلاَّ تشتكي
من ضعفها (ألفٌ) أضفنا (لاما)
وفي الختام كرّم الشاعر محمد البريكي المشاركين في الأمسية.










