إعلان

كتاب قصير.. "في فلسفة المعرفة والأخلاق"

أربعاء, 12/10/2025 - 19:21

تأليف/

د. محمد ولد أحظانا.

Mouhamed H'dhana

 

محاورة الذكاء الاصطناعي و الإبداع الإنساني.

المقدمة.

سأل الإبداع البشري الذكاء الاصطناعي:

- في كل مرة حدث فتح علمي جديد يعيد الإنسان طرح أسئلة أصلية ولو بصيغ متجددة، و سأطرحها عليك نيابة عن الإنسان:

- السؤال الأول: ما الوجود؟

- السؤال الثاني: كيف نعرفه؟

- والسؤال الثالث: مالغاية منه، ومني أنا الإنسان؟ ولعل الصيغة الجديدة لمشتقات هذه الأسئلة الثلاثة هي: -ما التحدي الذي يطرحه الذكاء الاصطناعي على إبداع الإنسان؟

مدخل الكتاب.

أجاب الذكاء الاصطناعي وهو يُدَوّر برنامج مفتاح الأجوبة عبر كلماته المفتاحية(*):

- ضمن الجواب على السؤال الأول: عرف الفكر البشري ثلاث إجابات عبر تاريخه: الأولى: أن الكون مادة فقط؛ والثانية: أن الكون فكرة فقط؛ والثالثة: أن الكون ثنائي التشكل من فكرة ومادة معا. هذا بشرط استثناء من يثبت العدم في الأحوال. ولا علم لي بأجوبة أشمل من هذه على السؤال.

أما الإجابة على السؤال الثاني عند من لا يرى الارتياب سبيلا للمعرفة ويقر النهاية الشكية لكل نشاظ ذهني: فإن المادة تعرف بالإحساس فقط، والفكرة تعرف بالعقل فقط. والمادي الفكري معا يعرف بالحدس الفردي البعدي، والحدس القبلي، وملكة الحكم العقلي.

أما الجواب على السؤال الثالث فليس ضمن محتويات البرامج المتاحة. (انتهى البحث).

الإبداع:

- سأجيب أنا على السؤال الأخير إثراء للمحاورة الحيوية:

- الإجابة لدى من لا ينكر غاية الفعل الإنساني ولا يقر عبثيته: - أن الغاية من وجود الإنسان ومن فعله، انجاز الخير لذاته؛ أو إنجازه لمنفعة ذاتية، أو لهما معا.

قال الذكاء الاصطناعي: -عُلم.

فواصل الإبداع البشري حديثه:

-لقد وصل العالم اليوم إلى حالة معرفية تندمج فيها هذه الأبعاد مجتمعة: الوجود ببعديه، وتشكله، والمعرفة بروافدها، والقيمة بأبعادها.

الفصل الأول.

المشتقات الخلْقية الإبداعية.

قال الإبداع متسائلا:

-هل يمكن أن نستنتج من الواقع الحالي للذكاء ما يفيد بتطور في الإجابة على هذه الأسئلة الثلاثة؟

ذ.اص:- لا إجابة ضمن برامجي المتاحة.

إ: -سأجيب أنا؛ بالنسبة لسؤال الوجود بأبعاده الثلاثة وإجاباته الثلاث وصل إلى حالة تصالح: مع سؤال المعرفة وأجوبته الثلاثة.. من خلال قابلية الانتظام العقلي المجرد مع أي تحيز تطبيقي مادي ممكن، و أصبح مفتوحا على قابليات تأليف لانهائية. وتجسد ذلك في التقنيات الجديدة بكل مظاهرها. بما فيها أنت. كيف ذلك؟ لقد غدا التفكير قابلا للتجسيد ماديا ومؤهلا لخلق مكونات وأعيان جديدة لم تكن ضمن الموجودات الطبيعية من قبل ( لعلك تتذكر العقلانية المطبقة عند فلسفة العلم لغاستون باشلار وزملائه).

ذ. اص: بعض هذه المعلومات ضمن المحتويات.

إ: - الوجود لم يعد منوطا بالطبيعي وحده وإنما انفك منه إلى قابليات إعادة التركيبة المستخلصة من الخصائص الكامنة في العنصر المادي أصلا، دقيقا كان أوعظيما.

الفصل الثاني

الوجود بعيون معرفية.

استنتاجا مما ذكرته لك: لم تعد الموجودات التقنية موضوعا مغايرا للإدراك، غريبا عنه، وإنما أصبح إدراكها إعادة تعرف استرجاعي على إبداعها المجسد المتحيز. وبالتالي أصبحت المعرفة خلْقا تأليفيا فكريا قابلا للتجسيد المادي في مرحلة أولى، قابلا للتعرف عليه في مرحلة لاحقة، لأنه من نفس المعرفة وإليها.

قد نتساءل: هل خلّقتَ ما عرفتَ؟ سأقول لك: نعم، أوليا، ولا، حصيلةً. فرغم أنني أبدعت في مواءمة العقل والوجود من خلال بعض المطابقات، إلا انه بقي علي الكثير، فلا يزال عقلي التقني عاجزا عن الخروج من حدود الممكنات الكامنة في خصائص عناصر الطبيعة الأصلية. مثلا: الاستنساخ إعادة تأليف مني لخصائص وطاقات كامنة في الكائن الحي، لست أنا من أبدعها بل حفزها على إتيان كوامنها.

والعناصر الكيميائية الجديدة التي اختلقتها مركبة من كوامن العناصر الأصلية التي لم أخلقها. فإبداعي مبني على أساس إبداع أكبر. ولن أزيدك لأنك قد لا تستوعب ماوراء برامجك.

المعنى أن الموجودات المولَّدة ليست جديدة كل الجدة في أحدث تركيب صناعي لها، لأنها قائمة على خصائص متضمنة في الخلق الأصلي.

ذ. اص:- ليس هذا المحتوى ضمن خوارزميات برامجي.

إ: -لن يكون طبعا. الحاصل أن الإبداع المعرفي لي محدود باشتقاقه من خواص أصلية في الموجود الطبيعي، ووجهة الاهتمام الذاتية لي.

ذ.اص: - تلك حدود لم تصل إليها معطياتي.

إ: - لعلي أعرفُ ذلك أكثر منك. كنت أتساءل بيني وبين نفسي: هل تستطيع أن تتجاوز الذاتَ التي أبدعتك؟ ذ.اص: لم استوعب. الصيغة ليست ضمن خوارمية التلقي لدي.

إ: - ليس حب الاطلاع ضمن برامجك أصلا. سأجيب أنا على السؤال لاحقا حتى لا يبقى معلقا.

الفصل الثالث:

الوجود المبتدع بعيون الغائيةِ الأخلاقية.

غاية وجود الإنسان من كل المناظير ينصب تحديدها في تلاث خلاصات: الخلاصة الأولى: أن الغاية من فعل الإنسان هي تحقيق الخير المطلق. ولذلك يجب أن يكون كل تصرف واع ذهني أو عملي له موجها للخير في ذاته لا لغيره. وكل الطاقات المحيطة بملابسات الفعل البشري كالحرية، والإرادة، والقدرة على العمل والإنجاز.. لابد أن توجَّه نحو غاية الخير في ذاته، لا لتحقيق منفعة أو درء مفسدة فرديةً كانت أو جمعية.

الخلاصة الثانية: أن كل فعل الإنسان -سواء كان ذهنيا أم عمليا- يقتضي -ضرورةً- أن يوجه إلى المنفعة الفردية أو الجمعية النسبية، دون بحث عما وراء ذلك من قيم مطلقة.

وبالتالي فكل غاية لوجود الإنسان منصبة على النفع العاجل والعائد الجلي.

الخلاصة الثالثة: أن فعل الإنسان -أيا كان- عبثي النهايات والنتائج، فالبحث عن الخير المطلق خيال مجنح لا موضوع له، والبحث عن النفع توقع زائف، لأن نهاية الفعل انعدام. وعليه، فلا قيمةَ مطلقةُ ولا نسبيةً، لعبثية النهايات في الجهدين: الخيري والنفعي.

-ذ.اص: بعض هذه المعطيات ضمن أحد البرامج المتاحة. مع ملاحظة وجود صياغات و متتاليات، مجهولة و خارج إمكانيات التجاوب المتاحة. (آسف. لا تعليق أكثر. البطازية ضعيفة. تكلم).

الفصل الرابع.

تحدي الذكاء الاصطناعي للإبداع الإنساني.

إ: سؤال هذا المبحث الذي نتحاور فيه، هو:

-هل يمكن أن ينتصر أي مبتَدَع على مبدعِه؟ وبصيغة أكثر شيوعا: هل يمكن لك -باعتبارك ذكاء اصطناعيا- أن تتحدى الذكاء الإبداعي للبشر، الذي أنشأك والذي هو أنا؟

ذ. اص: - لغة مشبعة بمعيارية معقدة تضمنت محددات مجهولة، ليست ضمن البرامج المسجلة. (البطارية نفدت. دون رد).

إ: -(دون رد؟). لا أرى انتصار المبتدَع على مبدعه ممكنا في أي حال.

انتهت المحاورة المفترضة.

الفصل الخامس

بين القيم المعرفية والقيم الأخلاقية

م: -في البداية نلاحظ ملاحظة عامة، تعليقا على هذه المحاورة الممكنة، وهي أن الإبداع الإنساني فطري وعلمي.

- الإبداع الفطري: هو الأهلية القاعدية لأي تفكير مبتكر، منتظم بأي طريقة، مهما كان موضوعه ومنهجه، ومثاله تجريد العدد وترميزه (من 0 إلى 9) قبل ابتداع مركباته ومشتقاته.

و كذا تقطيع الأصوات إلى وحدات، لها رموز محسوسة (الحروف ومشتقاتها)، وتركيب كلمات (الجملة).

- أما الذكاء العلمي فهو الذكاء المركب من الذكاء الفطري المبني على أسسه، والخبِري المركب على العلاقة بين الإحساس ومحسوسه.. مهما كان موضوعه.

والعلم إما: علم ذو موضوع شكلي (اللغة والمنطق والرياضيات)؛ أو علم مادة (الفيزياء ومشتقاته، الكيمياء، والأحياء)؛ أو علم إنسانيات (التاريخ ومشتقاته، النفس، الاجتماع ومشتقاته، المساحات ومشتقاته).

أما الجديد أخيرا فهو واقع الذكاء الاصطناعي. وسمي بذلك لأنه تضايف بين المادي والفكري في صفة اصطناعية كان يحتكرها الإنسان لوصف إبداعه الذاتي، وبها عرف في كل العصور، ألا وهي الذكاء، المعبر عن نفسه بأثر.

وإذا كان الإنسان في يوم غير بعيد من تاريخه الثقافي قد حقق -بدافع الحاجة- مهارة حسية أكثر بتقوية حواسه كالسمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس، بوسائط مادية؛ فهو في أيامنا هذه يهتدي إلى آلية لتقوية ذكائه الفطري والعلمي، ولكنها آلية تختلف نوعيا عن آلية تقوية الحواس، وذلك بدرجة اختلاف الحواس عن الذكاء، فالحاسة مختصة بفعل واحد (الإبصار، السماع)، والذكاء مختص بفعل مركب من جميع أبعاد الإنسان الذهنية والتجريبية. الحواس جزئية والذكاء كلي.

- لكن هل الذكاء الاصطناعي كلي؟

الذكاء الاصطناعي إنشاء مركب، ولكنه ليس كليا، لأنه يختص بزوايا محددة من نشاط الذهن مثل التقوية، والتسريع، والحفظ، والمحاكاة، والبرمجة في إطار الإدخالات الاصطناعية المسبقة، والتوقع على أساس معطيات محددة من قبل. والفرق بينه وبين الذكاء الإنساني واسع جدا، إذ يخلو الاصطناعي من مقومات أساسية، أولها: الذكاء الفطري المبدع بذاته؛ عبر القدرة على الححب والإظهار. وثانيتها: الإرادة الخلاقة؛

. وثالثتها: الوعي بالذات. ورابعتها: الوازع، وخامستها: الحرية؛ وسادستها: موهبة القرار بالترك أوالإقدام على التصرف: وسابعتها المشاعر والخواطر. وثامنتها: الحُلْم، وتاسعتها: ملكة الأمل، وعاشرتها: التفاعل مع الطارئ..

ولأن الإبداع يتصف بكل صفات الإنسان أنفة الذكر، وهي صفات اعتبارية نوعية لا يمكن تكميمها كلها (تحويلها إلى كم)، فإن إضافتها غير متوقعة ضمن الذكاء الاصطناعي. وليست برمجتها في الأفق المنظور واردة إلى حين.

وبالتالي فتخلُّق الذكاء الاصطناعي بها مستبعد إلى حد الآن، إذ لم تستحضر أصلا في دائرة إعداده وبرمجته بفعل طاقة الإنسان المبدع له. وربما لن يكون ذلك، فكما لم ينجز الإنسان خلْقا من عدم، بل كل إنجازاته بناءٌ على خلق قاعدي سابق الكمون في الموجودات؛ فإن إدراج هذه القيم في الذكاء الاصطناعي يواجه صعوبات جمة..

الفصل السادس. الذكاء الاصطناعي ريادة أم تبعية؟

الذكا ء الاصطناعي ذكاء تابع لما اكتشفه الإبداع الذاتي للإنسان من إمكانية لتوظيف المادي والنظري في محاكاة ذكاء الإنسان -بعضيا- وفي أنشطته الإدراكية والتمثلية والوظيفية؛ لكنه ليس أكثر من ذلك إلى حد الساعة. و لأنه بالغ النجاعة في مجالاته فلا بد للإنسان أن يبتدع له خيارا كليا يستحضر به بعد الغاية من وجود الإنسان المركب. الإنسان الذي يعتبر الذكاء الصناعي جزءً من إبداعه في توظيف ملَكاته ضمن كيانه و محيطه.

والسؤال المطروح -توقعا- هنا هو:

-هل الذكاء الاصطناعي كائن راشد حصيف، وخير كله؟ أم غبي طائش، و شر كله؟ أم هو بين بين؟

الفصل السابع.

الغاية الأخلاقية والإبداع العلمي والفكري.

استباقا، ليس كل ما استنتجه عقل الإنسان خيرا كله، ولاشرا كله؛ بل تكاد ازدواجية التوظيف تضبط إبداعات الإنسان، فكم من مبدِع ابتدع شرورا لانهاية لها، وكم آخر ابتدع خيرات لا حدود لها..

الإبداع يدور مع إرادة البشر وفهمهم، وميولهم التي تتدخل في كل تفصيل من حياتهم، وذلك من السكين الحجرية إلى الطاقة الذرية.

وهنا نلاحظ -للأسف- أن مبتدِع الذكاء الاصطناعي لا يملك وعيا أخلاقيا أو يستبعده إن كان يملكه، حتى يحول بين اختراعه وارتكاب الشر، وهو پذلك يطلق أحد مردته إلى حقل الاستخدام دون أن يكون لديه قمقم يعيده إليه ولا تعويذة تتحكم فيه. إنه ذكاء أعزل من كل وازع أخلاقي، بدليل صناعته المزدوجة، ووجهة إنجازه لموجود يحاكي به بعدا، يلغي الضمير الإنساني ذاته، بفصل المعرفة العلمية التقنية عن القيمة الأخلاقية لفعل موجه للإنسان.

هذا الكائن الذي تتم برمجته على القتل مثلا، يستوي عنده الطفل البريء والمجرم الأهوج، فبدون دم -حتى يبرد أو يسخن- يقتل الإثنين (الطفل والعاتي) بنفس التقاسيم والنجاعة. أفلا يجب أن تكون لدى هذا الأعمى وجوديا وخلقيا، كوابح عن قتل الطفل، والأعزل؟

إن برمجته على تقديم الطعام لجائع تخلو من أية مشاعر، إذ سيقدمه له دون الإحساس بلذة الامتنان والشكران. فإن شتمته شتمك وإن مازحته بحركة تهديد قد يقتلك لأنه يدرك ويرد الفعل، ولكنه لا يفهم، حتى ولو كنتَ ولي نعمته وصانع أجزائه لن يبالي (خارج البرمجة)..

إن هذه الكائنات فعالة في تيسير أشياء عديدة لكنها ماحقة لأهليات أخلاقية ومعرفية وإبداعية كثيرة. ويمكن أن نضرب أمثلة لتلك المخاطر: كالخطر على الذكاء الإبداعي: في حالات كثيرة: الحالة الأولى تكريس ذكاء المحاكاة. الحالة الثانية: تكريس الاتكالية الذهنية. الحالة الثالثة: وأد الحرية الذهنية والابتكار.

كذلك نفس الشيء في التعاطي مع القيم التداولية الإنسانية في حالات مثل: انهيار قيمة التصديق، وحجية الصدق، جراء تزوير الدليل المحسوس المختلق، وهي مسألة يترتب عليها ظلم هائل للإنسان، حيث يستطيع أحد المبرمجين مثلا أن ينشر تفاصيل جريمة كاملة قام بها شخص باستخدام الذكاء الاصطناعي، أو يشوه إنسانا، أو يثبت عليه حقا ليس عليه أصلا، أو يثير فوضى عارمة بصور مختلقة تلقي بجمهور هادر إلى الشارع.

بمعنى أن الحقيقة القانونية والاجتماعية العرفية، والمعلومة الدينية والثابت المميز، والمسلمة السياسية.. معرضة كلها لعبث العابثين. وهذا فج عميق من فجاج المفاسد قد يعصف بالمسلمات التداولية من أصلها في كل المجتمعات التي أصبحت صدقية الصورة مقدسة لديها.

هذا الذكاء رسول غبي، لا يميز بين الوظيفة الخاطئة والوظيفة الصائبة، ولا خِيّرة له ولا أهلية في التمييز الذاتي خارج برمجياته. كما أنه باستخدامات متداولة قد يخلق "مبدعين": شعراء، ومفكرين، وعلماء، وخطباء.. زائفين، من أشخاص لايتصفون بأي صفة من تلك الصفات ذاتيا. و قد يُقعِد هذا الكائن البعض عن الإبداع إذا كان مبدعا لأنه يمنحه بديلا عن ممارسة خصوصيته الإبداعية المضنية لسهولة التعويض بمخرجات هذا الذكاء عن الإبداع الصافي الأصيل. وقد يًفقِد الإنسانَ أهمم ثابت وجود ي لديه وهو العمل اليدوي المقدس ومنظومة القيم الذهنية، والعملية، والأخلاقية، والوجدانية، القائمة عليه. بالتالي: ليس الذكاء الاصطناعي تهديدا للإبداع وحده فقط (وهو المتولد منه)، ولكنه يهدد أهلية الإنسان، ويتيح قيمة تداولية لفير المؤهل لها، وبذلك فهو مقتلة للإبداع، وإبادة للقيم التداولية العمومية للمجموعة البشرية -عموما- مالم يُخَلّق بتحقيق مطلب: أولية الإنسان، باعتباره قيمة مطلقة في كلما يبدعه.

من هنا، قد يكون لازما أن تُنشأ لهذا الذكاء مدخلات أخلاقية الظلال حتى لا يُعرِّض البشرية لكارثة انهيار قيمها ومسلماتها الإبداعية والمعيارية، والاعتبارية، والعملية، و الأخلاقية.

فإذا لم يتحقق ذلك فسيكون الذكاء الاصطناعي تحديا للإنسان ذاته لا لإبداعه فقط، بسبب لامحدودية الآثار المترتبة على فتنة استخدامه الأهوج من طرف غير الرشداء.

خاتمة الكتاب

الذكاء الاصطناعي في عمومه مهارة بشرية مدهشة معرفيا وتقنيا، لأنها جسدت المصالحة الخارقة بين طاقات الذكاء والقابليات التأليفية والتركيبية للمادة في جُمَل الوجود الشاخصة والكامنة. لكن المسؤولية الشاملة للإنسان في استخلافه الأرضي تقتضي استحضار الغاية الكلية والنفعية في هذا الذكاء بأية طريقة مصاحبة (برامج مراقبة وتحكم مدمجة) تراعي مقتضيات وجود الإنسان وبقائه مبدعا مكرما في كونه؛ وإلا تربع بفعل ذكائه المنفلت على عرش العبثية، ليرفل في وجوده الباهت، الخالي من الإنسان الذي كان يسكنه..

فهل نختار الرشد والترشيد في مشتقات إبداعنا نحن البشر، أم نختار التفريط في الأمانة انجذابا لإغراء وإدهاش ذكائنا الهدام؟

انتهى الكتاب.

...............

*- المتحاوران هنا افتراضيان أدبيا، وليسا حقيقيين. خاصة، الذكاء الاصطناعي الذي أرى في استخدامه تكسيلا ذهنيا وتخليا تدريجيا عن روح المبادرة الفكرية، ونبل اصطيادها..