الــظل
"أو بكائية الراهب هيبا"
وحين يهربُ ظل من قداسته
وتلتظي النار من وهم البدايات
أبقى على ولهٍ..
مُسترسلا في شعاب اللفظ
من شفة المعنى
على رئتي حروفا
تزدهي بالظلِّ والذكرى
ودمعةِ مستهيمٍ عاشقٍ
من موطن الخوف المعتق بالقصيدة
والنبيِّ المستعيضِ عن الرسالة بالكلام...
*
يا صاحبي حتى القصيدة
في دمي نارٌ
ونورٌ..
ليس نور الشعر إلا عتمة
وحكاية لا تبتدي من أول
وغد معار
*
في البدء
كنتُ وكنتَ
كنا توأمين
وكان ظلٌّ للحكاية
كان عار
*
لم تستدر تفاحتي
قبل الحصار
وحين في غسق الهموم
رميتها للقادمين من الجنان
تحرشوا بقوافل المنفى
وغابوا
*
فسقطت مغشيا علي
من الحنين
وما استجبت لحارسي الجنيِّ
حين للحظة
أدى صلاة الفجر في أذني
وصلى قبل ميلادي الجديد بدمعتين
وشمعتين
لذا تأخر في مباركتي وتعميدي
لشقوة منبتي القدسيِّ
*
وحين سرحت في غيبوبتي
لم أنتبه
لحفيدة هبت لتقبيلي
ونامت فوق زندي
دون أن أدري ونامت
آهِ
يا أحلى من الأحلى
ويا أشهى من الأشهى
ويا منفى الحروف
وقُبة الذكرى
يا حائط الأشواق والمبكى
ويا المشكى
ويا أبهى عصافير الدموع
قصيدتي الأنثى..
*
تلكَ المعلقة -القتيلة- فوق جذع الخوف
والحب المدنس بالخطيئة
لم تكن "أوكتافيا"،
التي أخرجتها من ضلع شوقي الحقيقة
والإله المستمدِّ رؤاه من كلماتي الأولى
ولا كانت "هيباتيا"
*
كانت "أورشليم"..
المطاردِ ظلها في كل حدب
والقصيدة
كانت رؤاي
رؤى الملائكة الصغار
رؤى ومهد الأنبياء
الأبرياء...
*
" أورشليم"...
رؤاي ودمعتي
وقصيدتي
منفاي مذ كانت تحاصرني الكهوف
وشمعتي
وصلاتي الأولى
وبيت الرب
وشم القلب
كل الحب
لم أهرب إليها
كنت منها
كنت فيها مذ وجدت
*
قال "درويش":
" انتظر.. لا بد من نثر لنعبر في الحكاية"
قلت :
"انتظر لا بد من نثر.." ومن شعر
لنسبح في تفاصيل الحكاية والروايه
وكي نعود من الظلال إلى الظلالْ
ومن غد ماضٍ
إلى آتٍ قديمٍ في النضال
*
لا بد من شعر ومن لغة
لنوقظ نائما
ونشك في هذا الصباح
وفي الحقيقة
في الشعور المحض، والحب المكدس في الكتب
ونشك في الشك المريب
وفي السحب
وأن نشك بزرقة البحر المسيج بالطحالب
ليس بحرا ذلك النهر
المحاصر بالمحار
وليس شعرا ما يقال عن الظلال
"من قـال لــكْ.."
"سيقول عنـكْ.."
*
لا بد منك ومن رؤاك
ومن صديقتك الجميلة
كي أراك
تبوح لي بهرائك الشتوي
المحاصرِ ذكرياتك
موسم الحب الموشى بالحنين وبالحكايا
بانتصارك لحظيتين
وبالهزائم
وتقول لي قالت بكل بساطة:
"اهواك"
*
كيف أنسى أن بوحك كان يشعرني بظلي
ثمَّ اضحك دون ان تدري وأضحك
ثم أمتهن النصائح
والحروف تشدني لهواية الأجداد
والأحفاد
لا أهوى النصائح
غير أني أزدهي بالنبرة المثلى التي أهديك
والحبلى بحكمتي القديمة
والتي عرضا حفظت هنيهة عن ظهر قلب
من كتاب صار مرميا ومنسيا بزاوية هناك
*
تلك الرسالة من تفاصيل الحكاية
والمغامر آدم
متشبث بالوهم..
يلبس عريه
لا ظل إلا ظله
_______
العتمة
مواجع سريالية
ومُـذ هـجر الـضوء
نافـذة الوقت..
ذابـت على مقـلتيها
مـساحـيق شـوق
تورد ذات حنـين
وذابت شـموع الـمداءات
ضـاااق اتساع الهوى
واستبد الحنين
وقالت :
نـزيفَ الـــمدى بلـغْ جُـنوني لمـن غدى
مـعَ الريـح والـصحراء.. غـيما وما اهــتدى
تـســــاقط كالأمطـار ظــــلا بـجــانبي
فـجــن جنـــــون الريح.. لمــــــــا تمـــــددا
وكـان احــتضار الضوء.. يــــوم تـهـــــرَّأت
جـيـوبُ الـمسا.. وامــتــدَّ حــــــتى تـلــبدا
شــموع.. مسـاحيـق.. ونـــار مــــشاعة
حـريــقٌ.. دخـــانٌ.. عـتمـةٌ نــــــوؤهـا بــدى..
وكــنتُ أعـد الـحرف مــــــرآت حــبنا
وكــنتُ أظــنُّ الـــضوء.. فـيــنا تـوحـــدا
فـشابت أمـاني الــضوء يـا حســــــرة عـلى
حــنيـني.. ويـا دمــعا أغـــار وأنـجــدا
*
وغابت..
فلا ذكرى.. تؤجج دمعها
ولا نار في الأغوار.. لا عون.. لا يدا
يـعيد ضجيج الصمت.. ما اربدَّ من غدٍ
فيصــــبح في آذانها أمـــسها نِدا
فيا دُرَّة الـتابوت غيبي قـــصــــيدة
وعــودي احـتمالا.. مـرهِـقا مـتــعـــــددا..
أريقي بوجــه الريـح.. صبر احـــتضارها
فأحلى ذنوب الشعر.. أن يجرح المدى
صـغار "الأبـابيـل" التي قـد تـحـــــــررت
من احجارها..تبني لأفراخها رِدا
وتنـسج عـشا في المدى.. متــحــــررا
من الـقتل..تسمو في الغياب تهجدا
*
ولن نلتــــقي قالت وضاقت بعبرة
لــها أنــصت العـصفور حتـــى تــنهدا
وغـابت..
فـما اهتزت جـذوع حنـينها
ولـا غـــاض نـهرٌ بـحـرهَا قد تـوسدا
ومـا أسفت شمسٌ بل امتدَّ ضــــوءها
إلى ما وراء الضوء.. والتائه اهتدى
(وفي الأرض منأًى..) قلتُ في الأرض خمرة
سـتكفي عـطاش الجن ســـقيا ومــوردا
فلا ظـامئ لـلشعر في الأرض غــــــيرنا
تــشظى على شـط القصيدة كالصدى
يـردد لـلآتين أحــــلام من مـضــــــووا
ويسرق من أوهامهم ما تــــــــجسدا
يـقول هنا تذوي وتذبل شــمـعـــــة
ويـحترق الآتي.. ويـمتـصنا سدى
_______
على بُعدِ خطوة
على بعد خطوة
أمر بشارع قلبي الحزينْ
أراكِ بزاويةٍ تقرئينْ
أراكِ بزاويةٍ تضحكينْ
أراكِ بزاويةٍ ترسمينْ
*
على بُعدِ خطوة
يسافر فيَّ الحنينُ إليك
فأكتب عن لحظةٍ
عابرة
وأشرب من قهوةٍ
ساحرة
وأسجن نفسي
بدائرة الدائرة
*
على بُعد خطوة
تَصيرينَ أحلى صديقة
وتخترعينَ معي
للكلامِ طريقةً..
فأعشقُ نفسي
ولو.. لدقيقة
*
على بُعد خُطوة
تنامينَ بينَ الحروف
فتصحو الحروف
كعصفورة نافرة
تحدد منقارها كي تراكِ
تعودينَ كالغيمة الماطرة
*
على بُعد خطوة
أرى مُدُنا ..
تتشكل بين الخواصر
تسحرني خاصرة
فأحمل وردة عشقي
إليكِ..
وأبكي..
لأن الحروف بلا وطن حائرة
_______
أُهديكِ هذا القلبَ
لم أنتفض.. رعشة الذكرى تحررني
من عتمة الغيب..والأشواق تشعلني
أجسُّ نبضي..أرى كفا تهدهدني
تمتص حزني..ونحو الغيم تحملني
حملتُ نايي لعزف الضوء..أغنية
أهديتها لحبيبٍ..بات يسكنني
نامت على شفتي ذكراهُ أسئلة
عن الحنين..وعن أشياء تشغلني
*
سكنتِني مُذْ عبرتِ الضوء نافذةً
إلى فؤادي..فصار الحب يحضنني
نصبت وجهك تمثلا..لأعبده
وصرت أوقد أحلامي..وتوقدني
يا خمرة بت رغم البعد أدمنها
وكنتُ آمُلُ..أن تشقى فتدمنني
*
أهديك قلبي..أراجيزا مطرزةً
بأحرف الشوق..أغصانا تظللني
جيگني:
_____
تنهدات امرأةٍ على شاطئ حلم
لَـوْ.. دَمْـعَتَـيْنِ.. تَرَجَّلْ أيُّها الرَّجُلُ
عنْ صَهْوَةِ القَلبِ.. أنتَ الفارسُ البَطَلُ
خُذْ مِعْطَفي.. وتَشَمَّسْ تحتَ رابيةٍ
من أَحْرفي البيض.. ضلت كُنْهَهَا السُّبُلُ
خذني إليكَ.. وكن لي نَصَّ أغنيةٍ
من الحنانِ.. تُناغي وحْيَها الرُّسُلُ
غرِّدْ على القلبِ كالعصفورِ يا أملي
ليورق الحبُّ.. والإنسانُ والأملُ
إني على شاطئ الدنيا مشتتة
بين العواصف بالأوهام أشتعلُ
نارٌ على شفتي..نارٌ على رئتي..
نارٌ بقافيتي.. لو..للهوى أصلُ
عيناكَ مرفئِيَ المفقُودُ ياوجعي
وفيهما شوق كل الأرض يُخْتَزَلُ
من لي بعينيكَ.. هذا الموجُ يجرفني
يغتالني البُعْدُ والأشواكَ أنتعِلُ
من لي بعينيكَ يامنْ لستُ أذكُرُهُ
إِلاَّ ورَقْرَقَتِ الأحلامُ.. والمُقَلُ
من لي بعينيكَ.. عُرسٌ أنت في خلدي
يا أيها الحُلُمُ المَنشُودُ.. يا أَملُ
______
في الذكرى الثالثة لرحيل الشاعر محمود درويش
إلى مـحـمود درويـش
رحـلت.. وفي شفتيك حكايا
تردد في الكائناتِ صداها
وفي راحتيك قضايا
تُأمنُ تاريخ قومٍ
تفلسف فيه سِواهم
وعاث..
رحلت..
فلا الفجر يغمرنا بحنان الضياء
ولا الشمس تبزغ
لا الشمس تبزغ
والليل آثر فينا البقاء
رحلت..
فنبض الصّبا في دمي لا يبوح
وبعض القصائد صارت جروح
كانت جروح
ولكنها لا تنوح
وأنت كما أنت
للذكريات حنين إليك
وقهوة أمك تبكي عليك
ونظارتاك
ومقعدك الجانبي
سريرك، ساعتك المهملة
تحن إليك
القلوب..
الدروب
الليالي الجميلة
كل يحن إليكَ
و"يافا" و"حيفا" و"وغزة" و"القدس"
و"الرَّامة المتعبة"
والجليل،
ونابلس،
والبروة المخصبة،
أيا وجع الذكريات
ويا ملهم الميتين
متى؟
كيف؟..أين؟
ترى أودعوك ؟
وهل خيروك؟
أيا أجمل الأغنيات
ويا حلما جاوز الأربعين وسارْ..
رحلت..
فماذا سنفعل؟
كل الكبار صغار
وإن الدموع غزار
أيا وجه غزة
يا حلما ضاع قبل العناق
إلى أين تمضي
وتترك خلف كل الرفاق
فراقك لا لا يطاق
فراقك لا لا يطاق
____
حاجب: الـخُـرافــــة
مليون سنبلة في الغيم تحتضر
والناي يا أنتِ في الأرجاء ينكسر
يبكي النخيل على شطآن دجلة محزو
نا.. ويهرب عن كاساته القمر
لا تكتبي فالرسالات التي احترقت
على جبينك في غاباتها الشجر
لا تكتبي لم يعد ظل لحضنها
غبار صحارئها في هوله انتشروا
هم يحملون بقايا من خرافتهم
يستأسدون وهذا كلُّ ما بذروا
يسممون مياه القلب حيث جرت
ويضحكون علينا كلما سكر
يؤلبون علينا كل جارحة
منا..ويسلب منا في الدجى القدر
*
يقول حارق تِبغ جنب فاتنة
إرمي العباءة علَّ الليل ينحسر
لا تتركي الطفل يبكي قبل أوبتنا
إن الخرافة تبقى حيثما السمر
وتضحك الحلوة الملقاة قائلة:
ما بين حضنين يحلو الخوف والسفر
ويحرق التبغ مزهوا بغزوته
لصاحب تتحدى وجهه الحفر
*
تقول عرفة تَطلي أظافرها
بحمرة السحر غرد أيها الوتر
وتوقد الشمع من فرط احتضار دمي
أخالها في ضلوعي الآن تحتضر
تقول يا صاحبي الشيطانُ دع شفتي السـ
ـسُّفلى.. فبعض بنيك السمر قد حضروا
واقعد بمقعدك المدفون في شبقي
كي لا يروك...فهم يا سيدي بشر
ولا تخف إن ثوبي لن أمزقه
ستائر الرجفة الحبلى ستنهمر
*
تقول بعد حوار دام لحظتها
مليون قرن كمن للغيم يعتذر
باسم المُمَجدِ..باسمي.. باسم من عبروا
بحر الغواية إلهاما وما انتظروا
لأنت يا طفلُ ممسوس وفيك يدٌ
وذي البصيرة في كفَيَّ والبصر
طفلي تموت نجوم الليل فيك أسى
ومن رؤاك على أعتابها سور
دواؤك المحض مُخُّ النمل مجتلبا
من حلمة القملة العرجاء يعتصر.