انطلقت مساء الجمعة 29-12-2017 فعاليات النسخة الأولى من مهرجان المذرذرة الثقافي (نسخة العلك) المنظم من طرف نادي حماية تراث المذرذرة، وذلك بحضور حاكم المذرذرة ومنتخبيها، ومستشار وزير الثقافة المكلف بالتراث، والمندوبة الجهوية للثقافة في اترارزة، إضافة إلى جمع غفير من أطر المقاطعة وسكانها.
وقال رئيس نادي حماية تراث المذرذرة محمد فال ولد عبد اللطيف إن المهرجان جاء بمبادرة من نادي حماية تراث المذرذرة، مشيرا إلى أن النادي عبارة عن رابطة ثقافية لا ربحية ولا حكومية، معترف بها رسميا وعلتها الغائية هي المساهمة في حفظ التراث الوطني من خلال المحافظة على التراث الثقافي للمذرذرة والتنويه به وانتشاله من عوادي الزمن.
JPG - 115.8 كيلوبايت
وأكد ولد عبد اللطيف أن النادي وبعد الاستخارة واستشارة أهل النادي بمعناه الكبير ارتأى أن يخصص هذا المهرجان لموضوع العلك، مشيرا إلى أن السبب في اختيار هذا الموضوع قبل كل شيء هو المكانة التي تحتلها هذه المادة الطبيعية في الذاكرة الجماعية عندنا والدور الذي لعبته في المنطقة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا من سالف القرون، وأهميته الإستراتيجية على مستوى السوق العالمية.
واستعرض المتحدث تاريخ العلك في المنطقة وأهميته، معتبرا أن تجارة العلك في المنطقة قديمة جدا، وأنها ازدهرت في القرون الخمسة الماضية وأبرم أهل البلاد بشأنها اتفاقيات مع مختلف الدول الأوروبية التي كانت تتنافس على الاستئثار بهذه التجارة.
JPG - 150 كيلوبايت
وقال محمد فال ولد عبد اللطيف إن أمراء المنطقة كانوا على وعي تام بما يمكن اجتناؤه سياسيا واقتصاديا من هذا التنافس، مضيفا "فكان من أبرع من استغله من أمرائنا الأمير اعل شنظوره رحمه الله، والأمير محمد لحبيب في حربه الشهيرة مع الفرنسيين التي كان العلك أحد أسلحتها ورهاناتها".
وتحدث رئيس النادي عن أهمية العلك الصيحة، معتبرا أن فيه منافع للناس، مؤكدا أن ِشأن العلك لم يكن مقتصرا على الجوانب المادية، قائلا إنه "كان مجالا خصبا لعطاء أدبي وفير إذ كان شاطئ البحر في موسم العلك أشبه ما يكون بالمربد ينتابه الشعراء والأدباء من كل صوب وحدب".
وحذر ولد عبد اللطيف من اعتبار هذه الأشياء من الأمور التافهة الهينة، معتبرا أنها في ميزان الشخصية الثقافية عظيمة، وأن الاعتناء بها من الأهمية بمكان لأنه يؤسس للأرضية التي يكون منها الانطلاق الثقافي والاقتصادي والاجتماعي وبالتالي السياسي.
ودعا محمد فال ولد عبد اللطيف إلى التفكير الجدي في سد الفجوة التي خلفها غياب العلك في الميدان الاقتصادي والاجتماعي، مضيفا "نغتنم هذه السانحة لاستنهاض همم الممولين الوطنيين وفي الدول الشقيقة والصديقة لتمويل مشاريع إنمائية تساهم بالنهوض بالمقاطعة.
كلمة المهرجان ألقاها يعقوب ولد آبو الذي عبر عن شكره لكل من ساهم من قريب أو بعيد في تحقيق هذا الحلم الذي طالما راود أبناء المقاطعة، مثمنا ما قال إنها اللحمة والتعاضد والإجماع الذي حظيت به مبادرة تنظيم مهرجان من هذا النوع.
وهنأ ولد آبو المذرذرة على العرس الثقافي الرائع، متمنيا أن يتواصل من أجل نفض الغبار عن كنوز المدينة الثقافية المتنوعة.
وقالت المتحدثة باسم النساء لخليفة بنت لكهيل ولد أبيليل إن المهرجان الثقافي يجمع سكان المقاطعة على مائدة التراث وتنصهر في إطاره كل الجهود الرامية إلى خلق جو ينعم فيه الكل بنسيم الثقافة ويبرز دور المقاطعة في الحفاظ عليها والالتفاف حولها.
وعبرت بنت لكهيل عن شكرها لكل من سهروا الليالي لإنجاح هذا المشروع الهام.
وأكد محمد ولد أعمر ولد أعل من منسقية شباب المذرذرة، أنهم كانوا يتمنون أن يجمعهم هذا اليوم الذي يرون فيه الجميع يسعى لهدف نبيل ينفض الغبار عن الثقافة والكلمة، مضيفا "لقد وجدنا في تنظيم هذا المهرجان الفرصة الذهبية التي كنا نصبو إليها".
وقال ولد أعمر ولد أعل إن منظمو هذه التظاهرة أدركوا أن الثقافة كنز لا يفنى وأن أبناء المذرذرة لهم عزائم لا تلين، معتبرا أن شباب المذرذرة فخور بهذه التظاهرة.
مستشار وزير الثقافة المكلف بالتراث محمد المختار ولد سيدي أحمد، أشاد بالتظاهرة، متحدثا عن ما قال إنها جهود جبارة قامت بها الوزارة من أجل خدمة الثقافة، معتبرا أن الوزارة عملت على رعاية الملكية الفكرية وسعت إلى حماية الثقافة والمثقفين.
وقال المتحدث إن الرئيس الموريتاني كرس سياساته لخدمة الثقافة، مؤكدا أن ذلك كان من أجل أن تكون الثقافة في خدمة التنمية والاستقرار، مضيفا أن "الدولة تفتخر بالحرية والعدالة وتتبوأ المكانة اللائقة بها بين الأمم".
وأشاد مستشار وزير الثقافة محمد المختار ولد سيدي أحمد، بما أسماه "الحضور المتميز والتنظيم الدقيق وجمال الصورة"، مضيفا "لا غرو فالأرض أرض تميز وثقافة"، معلنا افتتاح النسخة الأولى من مهرجان المذرذرة الثقافي.
عمدة المذرذرة عبد الوهاب ولد حامد ولد ببها أعرب عن عزم مجلسه البلدي على دعم النشاطات الثقافية بشتى أشكالها، مؤكدا أن ذلك يدخل في إطار برنامجهم ووعيا منهم بضرورة تشجيع ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.
وأعرب عمدة المدينة عن سروره لمشاركة الشباب النساء في تحضير وتنفيذ هذا المهرجان، متمنيا أن يكون النشاط سنويا ويعالج كل مرة جانبا من جوانب الثقافة المتنوعة.
وعبرت المكلفة بلجنة تنظيم المهرجان خديجة بنت إفكو عن سرورها بتنظيم المهرجان، متمنية النجاح لكافة أعماله، مشيرة إلى أهمية النشاط والعمل المكثف الذي تم القيام به من أجل إنجاحه.
وقد شهدت ليلة الافتتاح قراءة العديد من قصائد الأدب الشعبي والفصيح، التي أشادت بالمهرجان وتحدثت عن "العلك"، بينما أدت فرقة أهل الميداح، وبعض الفرق الشعبية أدوارا متميزة نالت إعجاب الجميع.
ومن المنتظر أن تستمر فعاليات المهرجان اليوم السبت بعدة محاضرات وعروض، ومسابقة في الرماية التقليدية.
(إيجاز صحفي)