لوثة هذيان الكاردينال... / الدهماء ريم

اثنين, 04/15/2019 - 21:50

عُذرا..
لن أتنازل عن مَوْلِدِ موعدٍ مع الصَّفاء ،.. سَأظلُّ أنسجُ كلماتٍ من اهْداب الشّعاع، تلثم صُبحا نديًّا، ضاحك الشمس، مُضاحك المزاج، يُمطر حُبًّا من غير سحاب،..
 
لن أتنازل عن كلمة فاتنة مُترفِّعة، صدرها نَهِدٌ، يقاوم جاذبية فراغ الرُّوح المفتوح،..
 سيتجاور بخاطري النّور والأمل في ثنايا حروف النَّقاء،.. برحابة الأمد، بعمق الأبد،.. أقترفُ جنون الجمال، أحتضنُ الكلمات العذبة، كعنوان قصيدة، كاسم عشيقة ،.. كلمات مُتَراصَّة في جَحْفل مَهيب، بين حَياء وخَجل، بين مَنَعَة وأدَبٍ، تحمي أنوثتها، تطير في سكينةٍ نحو أقاصي المدى .. 

لا أحُبُّ تعقُّب خُطى الكلمات الكسيحة،.. لا أستسيغ أن أبعث خلفها فُرسانا من حروف بيضاء ورَّطتني معها في أشيائها الجميلة، أنْ أبعثها لتَصْطلي على أطرافِ حريق ضاع من قدمه الطريق،.. صُنعت مفرداته من قاموس مُتَمَرِّد، تائِه عن نفسه، يَتَشارَكُ رغيف الكراهيَّة مع الحنق.

لكن...

في هيستيريا التَّنابز الأزرق، .. يترك كردينال رصينٌ صومعته ويتلهى بتمزيق أحشاء الزَّمن، يهوي في هوَّة الأمس المُظلم، .. يتناول رفات فتنة الأيام الغابرة،  يُحرّك  فيها الرُّوح،.. يَهمس لها بصوتٍ يائسٍ مخذولٍ، أنْ اسْتيقظي، إنِّي باعثك!..، أحتاجك لإعادة خَلق تاريخ لزمن الفراغ وصراع الفجاج السَّائبة،..  يُطلي لسانه بفضلات الماضي، يَبلُّ بها أصبعه ليقلِّب الورق الأحمر،.. 
 يسبُّ رُفاتا.. يُعطي السَّب مَنْ لمْ يطلبهُ منه،.. ففي دينه تُستباح حرمة التاريخ،.. حرمة أشخاصه وشخوصه.   

ما أقسى أن تُطيل النَّظر في طواحين عَبَثِ الهُراء، وهي تدور أمامك في غباء.. وحين يعوزُها وقود الرّيح، تَحتطبُ من الأعْرَاضْ.

ما أقسى السَّب حين يأتي من حيث لم تتوقَّع، وربَّما لم تتمنَّ، سابِحًا عكس تيَّار الأصول، راعدًا، راجفا هائمًا في عرض عظم رميم،..
ما أقسى أن يكون تاريخكَ أرائك بغْيٍ لمُزايدات شياطين السّياسة.

 لا يُفوِّت الكاردينال الواعظ مناسبة، إلا وطعن الرفات بسيرةٍ مُتدافعة التَّيارات، خالصة لوجه التَّضليل، لتطفئ ما تبقَّى من قناديل حُسن ظنّ بالناس في عقل رديم،..
 
اسْكرتني ثمالة الدَّهشة، وأنا أراهُ يُوَّجه شراع الأيَّام للوراء، ويَسُبُّ الرُّفات، مُبْتَدع التَّشهير، مُجتهد الشَّتم، يصوِّرها غازيًّة، ناهبة، شريدة، طريدة، قاطعة لكل طريق قويم،.. هكذا يُريُد لهَا الآن؟! ...استفزاز خاب ظنّه!

 طِبْ سمعًا حِبْرَهُم الأسْقَم، انْعم بالرَّصيد غير المُطمئن، واحترق بالغضب المُخزَّن منذ قرون،.. تابع الاستناد على كتف التَّورية، ادفن الكلمات لتَمُرَّ عابرة، مُشفَّرة، ولَملِمْ أشلاء وَهْمٍ في خاتمة حفل لِجَمْعٍ مِنْ بُومٍ وأشباح،..
 
سيدي الكردينال!.. قصَّة الرّفات، قصة زاهيّة، مازالتْ تُردِّدها النّجمات السّاهرة،.. 
فإنْ كان للمجد موطن فقد كانت هيَّ موطنه وقدره،... لا تُباح سيرتها للأفواه العاهرة.. لقد جاوزتْ كلّ كبوات الماضي بأعناق طاولت الثّريا، وما عكَّر بحيرتها السّاجية ولغ ذئاب البشر، ولا استنهاض ذاكرة خفافيش تُمارس حمل الخطيئة.

سيدي الكردينال، لا تكن وهْمًا كبيرا يحمل اسمًا سُدًى.. لا تَشْرحْ، لا تُسوِّغ ، لن تُبررَّ في استغباء، اهزوجة مُسيئة تكرّرها كلَّما عَنَّ لكَ النَّظر شمالاً ،.. لن تُوفَّقَ في غسل جنابة اللّسان الباغي، في قبو ذِقْنٍ زائفٍ مُتهابط، وتحت شذوذ عمامة الإغواء السَّوداء، سيِّئة الأصداء... 

المجد لرفات لا ثأر لها مع أحد..

طِبْ تَجاهُلاً.. سيدي الكردينال،..
.
.  
بَاطْ..