مِمَّا تذَكَّر النِّسْيانُ (قصيدة جديدة)

جمعة, 10/18/2019 - 18:03

زين العابدين بابَ الحَسَنْ (*)

 

 

 

كانوا وكانت سماءٌ دون أجنِحَةٍ .. 
والأرضُ مُخْتَالَةً بالسّحْر والألَقِ

وكانت الريحُ تغفو بيننا صُدَفاً .. 
حتى إذا أَزْمَعَتْ، 
قُلْنَا لها: انْطلِقي

وكانتِ اللغةُ العذْراءُ، 
لو دَنَفٌ .. 
نَثَّتْ بِزِينَتِها: حِبْراً على ورَقِ

 وكان لِلسِّرِّ شيءٌ في سكينتِه .. 
مثلُ الخشوعِ، 
وجَرْسٌ غيرُ مُستَرَقِ

يا أيها الوطنُ العالي، أَعادِلَةٌ 
فينا المَقادِيرُ.. 
مِنْ بَخْسٍ ومنْ رَهَقِ 

 رَنَوْتُ..
 فانْبَجَسَ النسيانُ
 فانهمرت .. 
منهُ المسافاتُ أنهاراً من الأرَقِ

مَرَّتْ عَلَى بابِهمْ كَفِّي ، فَما رَجَعَتْ 
مِنْ غيرِ سُوءٍ..
ولا بيْضاءَ فِي نَسَقِ

واصَّدَّعَ الخطْوُ في آثارهم قِدَداً .. 
مَا أَذْنَبَ الخَطْوُ، لكنْ 
أذْنَبَتْ طُرُقي

يا شُرفَة العُمْرِ سِيري خلْفَ رِيحِهمُ .. 
وبَلِِّغِيهِمْ حَنِينَ الزَّرْعِ للوَدَقِ

وأَنْبِئيهمْ بأنَّ الفَجْرَ مُخْتبئٌ .. 
في قابَ قوسيْنِ...
مِنْ تَنْهيدةِ الغَسَقِ

وأنَّ زَوَّادَةَ العُشَّاقِ: غُرْبَتُهمْ ..  
ودربُهُمْ -ما حيُوا-: 
أُرْجوحَةُ القَلَقِ

وحظُّهُمْ حيْثُما كانوا ومُذْ وُلِدُوا: .. 
أنْ يركَبوا طَبَقَاً
في الوَجْدِ
 عن طَبَقِ

 

 

(*) شاعر موريتاني