سيد أحمد الأمير (*)
(تدوينة واتسابية)
سأل أخونا العزيز بداه ولد الگوار عن استعمال لفظ "ظامَه" في لغنَ، وسوف أقدم هنا بعض الأمثلة وأشفعها ببعض الأفكار ذات الطابع الثقافي التاريخي بإيجاز، عارضا ذلك على مجموعة أهل الحرف للتفاعل والمناقشة:
يقول الأديب الفذ محمد ولد أبنُ ولد احميدنْ الشقروي (توفي 1943م) في بداية أحد نصوصه السجالية مع محمد الحسن ولد الشيخ حبيب الله:
عودانْ احنَ لجانَ حدْ ۞ فابلدنَ يجبر فينَ شدْ
لخبارْ المتبيظنْ واصرندْ ۞ واژَوانْ وزين الگفانْ
... إلخ
وقبله امحمد ولد أحمد يوره (توفي في يوليو 1922م) يقول:
يوم أوادي الاول معدود ۞ فايام الطربَ يالمعبودْ
ظليت امع نصرتْ لغيودْ ۞ امگيل اعل راصُ معلوم
واليوم الّ ذانَ مژهود ۞ من نصرتْ لغيودْ، ومظيومْ
اعل راصِ .... إلخ
وقبلهما محمد عبد الرحمن ولد المبارك ولد يمين (توفي بداية القرن العشرين) في طلعته:
حدْ ابْدلْو گامْ امْدلي ۞ بادْلِ ماهْ انًّ معلِّ
حلْ العيْنْ الْحگْ مِتْولي ۞ بل حدْ وفاتُ عِمانْ
إلَى گالْ اكْحِزْ عنْ بلِّي ۞ افْبلي لاحگْ عِتْ امْبانْ
تگْدِرْ ما تِحْزِمْ واملِّ ۞ گاعْ أفْطنْ تِگْدِرْ ما تِشْيانْ
هاذ گطْ اخْلِگْ دهْرْ ابْعِيدْ ۞ فالفطْرْ ورمْظانْ وفالعِيدْ
ماه مُطَرِّ ظرْكْ اجْدِيدْ ۞ فاتِتْ فيهْ اذرارِ مرْوانْ
واذرارِ هارونْ الرشِيدْ ۞ واذرارِ مولايْ اسْليْمانْ
يگطعْ لِحْدِيد ألا لِحْدِيدْ ۞ والشانْ إرغوهْ أهل الشانْ
وهاذِ يعرفهَ كم من حدْ ۞ سلطانْ ادخلْ ظامَ ما بانْ
فيهَ سلطانْ وعادْ إگدْ ۞ يُسوفلْ فاجريمتْ سلطانْ
فهذه عبارات: اصرند، ومظيوم، وسلطان، ويسوفل من صميم ما تم السؤال عنه.
وفي جانب آخرهنالك طائر صغير يسمى بالحسانية اصرند يتفاءل الموريتانيون قديما برؤيته، ويعدونه طالعَ يُمن وسانحَ سعدٍ، والتساؤل وارد عن علاقته بلفظ اصرندْ اللعبة، هل مجرد اتفاق في اللفظ أم أن الخطوط الدقيقة التي على رأس ذلك الطائر تشبه خطوط ظامت فنقل لها لفظه، أو نقل له لفظها.
وقد قرأت أن في جنوب تونس لعبة تسمى "الضامه" (بالضاد غير المُشَالة)، ويسمونها أيضا "الخربقة"، واللفظان قريبان جدا من لفظتي "ظامَه" و"خُريْبگَه" في الحسانية، فما العلاقة بين ما عندنا هنا في موريتانيا وما في الجنوب التونسي؟ وهل يمكن أن تكون قبائل بني حسان جاءت بظامَه وخُريْبگَه من تونس أثناء مرورها بتلك البلاد خلال الرحلة الهلالية الحسانية الشهيرة؟
ومن جانب آخر فمن أقدم ما هو مدون حول الألعاب الشعبية ما هو مذكور في تواريخ الترارزة من أن عمير ولد سيدي المختار ولد الشرقي كان يلعب مع أعمر ولد المختار لعبة "البعر"، أو "دمراو"، لما أخبرته إحداهن بمصرع ابنه محمد فال ولد عمير على يد ابراهيم والد ولد اعمر ولد المختار عند انجيلْ على شاطئ، فكتم الأمر عن أعمر امتحانا واختبارا، وكان مقتل ولد عمير في مارس 1822م. وقد ورد ذكر دمراو في تهيدينة اللحن للمطرب المبدع البُ ولد مانُ في مدح الأمير أعمر ولد المختار حين يقول:
ودمْرَاوْ احْشِ حَفنَاتْك ابْعَرْ ۞ واكْرِ مَدَّ امعَاك جَمَحَّ
واتْعَلم العَلْ واتْعَلم اجَّرْ ۞ أصغَرْهُم منَّك يَگلَحَّ
ومعنى هذا المقطع الجميل أنه عليه تملأ يديك من البعر وتكتريَ جمعا من الناس لهم خبرة بلعبة دمراو،ْ واجمعهم معك، وتعلم الرجوعَ وتعلم الجر وهو نمط من دمراو لا يحسنه إلا المهرة في اللعبة، فإنك أيها المباري إذا فعلت كل ما فعلت فإن الصبي من هؤلاء الممدوحين سيغلبك ويتفوق عليك.
وبعر دمراو عشرون وأعواده اثنا عشر، ولهذه اللعبة قواعد معلومة.
وقد ذكر العالم العلامة محمد عبد الله ولد البخاري ولد الفيلالي (توفي 1901م) "دمراو" ممثلا بعدد أعوادها الاثني عشر للصفات الواجبة عقلا لله تبارك وتعالى وفقَ عقيدة الأشعري (السلبيات الخمس والمعاني السبع)، وممثلا بعدد بعرها للصفات الواجبة عقلا عند الفخر الرازي وعددها عشرون (الاثنتا عشرة المتقدمة والأحوال الثماني). قال ولد البخاري ولد الفيلالي:
واجب من صفات السبحانْ ۞ كانك دمراو امحررهَ
أثنعش اعل عد العدان ۞ وعشرين اعل عد ابعرهَ
هذه عناصر جمعت على عجل للنقاش والزيادة والتعديل.
___
(*) كاتب ومؤرخ موريتاني