تصريح
لما كانت المحن والابتلاء دروس الإنسان؛ يتعلم منها الصبر، والاجتهاد في البحث عن الأسباب، وتطوير الوسائل ارتأينا في "بيت الشعر – نواكشوط" أن نطلق منصة إلكترونية على اليوتيب، والفايسبوك، والواتساب، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي؛ تضمن استمرار مهمة بيت الشعر في التواصل بين الشعراء والمثقفين، وتستجيب لتطلعاتهم، وترد على استفساراتهم عن جديد البيت الذي تعودوا على استمرار رسالته خلال السنوات الماضية، ضمن المبادرة الكريمة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرامية إلى تأسيس بيوت للشعر في المدن العربية من أجل النهوض بهذا الفن ولغته وثقافته، وتشجيع الشعراء والمثقفين.
وسنعمل بحول الله وقوته على إصدار مجلة إلكترونية تتسع للآراء النقدية والثقافية والفكرية التي تسهم في بناء المجتمع، وتنميته؛ انطلاقا من أن مفهومنا للشعر والفن والثقافة مفهوم مرتبط بنعمة البيان التي خص الله بها الإنسان، فجعلها تعبيرا عن أحاسيسه، ورؤاه، وأفكاره؛ لذلك لا يمكن لأي كلام، مهما أغرق في "الشاعرية" أن يتخلص من تلك المعاني والمضامين المرتبطة بهموم الإنسان ومشاكله اليومية، وأسئلته المسترة عن الحياة والمستقبل، عن الموت والزمن، عن السعادة والشقاء، عن التاريخ وما اكتنفه من مآثر وعبر، وعن غصة المجتمعات الراهنة، وبحثها الدؤوب للوصول إلى الأفضل الأجمل.
ومن غير شك فإن المجتمعات رأت أهمية الثقافة عموما والشعر خصوصا خلال فترة الحظر الصحي، وتقييد الحريات؛ فكم من أمل انبعث من خلال قراءة نص شعري جميل، أو الاستماع لموسيقى حالمة؟ وكم من ألم تبدد أثناء قراءة كتاب جميل؟ وكلها أمور تؤكد حاجة إنسان اليوم إلى الاستثمار أكثر في بناء ذاته ثقافيا؛ وبذلك وحده يدرك قيمة الحياة، ويستشعر أهمية الآمال الجميلة؛ فينطلق المستثمرون إلى بناء بلاسم تحفظ للإنسان سعادته، وتنشر الحب والتآخي بين الأمم والشعوب، بدل التسابق لتطوير ترسانات الأسلحة الفتاكة، وغرس الكراهية والحقد بين الناس.
ولقد كانت المبادرات التي قام بها الإخوة في بيوت الشعر العربي ودوره في الشارقة والأردن ومصر والسودان وتونس والمغرب، والمتمثلة في إطلاق فضاءات إلكترونية محل تقدير وإعجاب استفدنا منها في مساحة البوح التي نطلقها اليوم عبر هذا الفضاء.
وهنا تتأكد قيمة العمل الثقافي المشترك من خلال مبادرة بيوت الشعر؛ حيث كان التنسيق المحكم الذي أرست دائرة الثقافة بحكومة الشارقة دعائمه من خلال خلق فضاء مشترك تلتقي فيه بيوت الشعر كلها الملهم الأول لانطلاق هذه الفضاءات والمنصات التي سترفد هي الأخرى ذلك التواصل وستعززه حتى تحقق هذه المبادرة أهدافها في النهوض بالشعر والشعراء، وفي خلق التواصل بين المتكلمين بلغة القرآن الكريم، ودعمهم ماديا ومعنويا؛ كي يؤدوا رسالتهم السامية في زرع الأمل والسعادة في ربوع صوح نبتَها كراهيةُ الإنسان لأخيه الإنسان، وليعملوا على استنبات القيم السمحة: قيم المحبة والحوار والسلام.
أ.د. عبد الله السيد
مدير بيت الشعر - نواكشوط