السنية بنت سيدي هيبه (*)
(تدوينة)
رمضان كريم..
نستهل شهر الخير هذا باستلهام خُلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في العدل والانصاف والوقوف مع الضعيف مستعرضين شمائله ونحن نتصفح كتابا في مدحه صلى الله عليه وسلم ينضاف إلى تراث عريض من المديح الفه شعراء كبار عبر التاريخ الاسلامي الطويل، حاولوا، كل من زاويته، الوقوف على بعض خصاله دون ان يتمكنوا من حصرها وستتوالى محاولات الكتاب والشعراء دون ان تبلغ غايتها في حصر تلك الشمائل وهو الصادق الأمين ذو الخلق العظيم.
من الشعراء الذين خاضوا في بحر شمائله صلى الله عليه وسلم جاعلين من حرف الميم ( محمد) مطيتهم لبلوغ بعض مراميهم ، الشاعر والاعلامي محمد سعدنا ولد الطالب، على خطى شعراء كبار.
من الشعراء قبل هؤلاء، الشاعر كعب بن زهير في قصيدته الشهيرة والتي مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
ويذكر ان النبي عليه الصلاة والسلام، طُرب لها عندما القاها زهير بين يديه، فخلع بردته عليه.
لكن شهرة قصيدة البردة للأمام شرف الدين البُصيْري الصنهاجي( 1213- 1295) قد عمت ارجاء العالم الاسلامي كانشاد ديني وهي المألفة من 167 بيتا من بحر البسيط،
وقد اضحت قصيدة البردة موضعا للمجاراة من طرف كبار الشعراء وعلى رأسهم أحمد شوقي الذي الف قصيدته "نهج البردة" من 191 بيتا و مطلعها:
ريم على القاع بين البان والعلم
أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
وفي بلدنا الذي عرف بتسابق شعرائه وعلمائه إلى مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم، سار شاعرنا الكبير ناجي محمد الإمام على نهج البُصيْري في قصيدته " وشيُ البردة" التي مطلعها:
قرب الأضاتين في ظل الغَضا العَرِم
ما بين غُضر النَّقا والسَّروِ والعنم
وهكذا سار الاعلامي والشاعر محمد سعدن ولد الطالب في قصيدته الميمية" الكواكب الدرية في مدح خير البرية" في 91 بيتا من بحر البسيط.
جال شاعرنا وصال في ذكر شمائل رسول الله صلى الله عليه وسلم، معترفا بقصور الشعر عن الإحاطة بهذه الشمائل:
ماذا أسطر ، ضاق الشعر والكلم
ماذا أقول، وقولي كله عدم
مذكرا بما كانت عليه مكة من ضلال وعبادة اوثان واصنام:
يا اهل مكة هبوا من ضلالكم
وحطموا هبلا واللات واعتصموا
بحبل خالقكم، كلا ولا تهنوا
يوما ولا تحزنوا فالشرك منهزم
مشيرا لما جاء به من عدل:
الحق غايته والعدل شرعته
جبريل يرفده والوحي منتظم
وفي العدل والمساواة التي جاء بها الاسلام ما رفع الظلم عن المرأة:
صان الحقوق، فلا ضيم ولا شطط
( بنات حواء) عذق العدل قد طعموا
لا الوأد يرعبهم، لا الظلم يربكهم
لا الغبن يزعجهم، فالحق مقتسم
وهكذا تغنى شاعرنا، محمد سعدن ولد الطالب، بخصال خير البرية التي غيرت مجرى التاريخ باحقاق الحق وارساء دعائم العدل وإكرام الانسان وجعل التقوى معيارا وحيدا للتفاضل بين البشر وبذلك عمت رسالته الارض ودخل في الاسلام من كان عصيا على ذلك.
سيكون هناك دائما شعراء لسبر اغوار خصاله صلى الله عليه وسلم دون ان يبلغوا حصر تلك الخصال التي ذكرها الله جل وعلا في كتابه ومدح بها رسوله الكريم.
لشاعرنا أقول، بارك الله سعيك، فقد جئت بلبنة جديدة ومحمودة في صرح شمائله عليه الصلاة والسلام.
______
(*) وزيرة سابقة ومثقفة موريتانية
