قد اشتكى المتنبي ظلْم أمتِهِ
إذْ أسلمَـتْـهُ إلى أشجانِ غُمَّتِهِ
وما من الغَــبْــنِ عانى وهْوَ منهمرٌ
كواكِفِ الغيثِ منهلٌّ بجمـتِـهِ
قد ضيَّع اللوذعيَّ الفذَّ معشرُهُ
وكرَّموا بعْد ألـفٍ عظْمَ رِمَّــتِــهِ
من بعد ما أثخـنُوهُ وهْو بينهمُ
من جنّ عبقر فردٌ في فتُـوَّتِـهِ
تعجَّبَ المتنبي وهْو باقِعَةٌ
من أنّهمْ دحروهُ رغْمَ قُـوَّتِــهِ
هل تلك بعضُ أحاظي الناس قد قسمتْ
أم أنهُ الرزْقُ مرهونٌ بحيْـلَــِـتِهِ؟!
وقال لي: أَلْـقِ عنكَ الشِّعرَ مطَّرِحاً
وِقْرَ المشاعرِ منبوذاً بـرُمَّــتِــهِ
فقلتُ: يا سيدي إني أنِـسْــتُ بِـهِ
هل يقلعُ المرءُ عن ماضي جِبلَّـتِـهِ؟
أبا مُحسَّدَ إن الشَّعرَ يا أبتي
عَدْني الذي ارتعي فردوسَ جَـنَّـتِـِـهِ
ويا أميرَ القوافي كمْ بُـلهْـنِيَةٍ
أولاكَ زُخْرَفَها من سيْـفِ دولتِهِ
فقال: لي قد جَفَوا من بعد بِــرِّهُمُ
واستنفروا الصقرَ من علياء قُـنَّـتِهِ
فهل علوت ببدع الشعر مرقبةَ
لما حنا الظَّهرَ قوساً بعد مُــنَـتـِهِ
لا تحسبِ الشَّعرَ، مهما كُـنْتَ رائِـدَهُ
وفرْدَ ِمربدِهِ أو ذي مَجنَّـتِهِ
مغنٍ إذا كنت لا تأوي إلى سَنَدٍ
سواهُ، مهما تَـقدْ شَتىَّ أزِمَّـتِـهِ
فاغشَ المعامع أو فاسْلكْ هدى سبلٍ
أخرى إذا كُـنْتَ منْ يعلو بهِمَّتِـهِ.
حسبي نباهة ذكرٍ أن تفقدني
من أمتي قائدٌ وافٍ بذمَّـتِـهِ
أما ترى بازِيَ الأنصارِ شرَّفني
وأنهض الشعر من مهواة محنَـتِـهِ.
