قرابة نصف قرن ونحن في الخنادق والزنازين و المعتقلات والمنافي، وموجبات الامراض المستعصية ، دفاعاً وفداء، (للسان الضاد) ليس ،فقط،لأنه لسان المثاني والمعلقات، بل، لأنه،كذلك، لغتنا/ ذاتنا الآتية من بطون الماجدات الطاهرات المؤمنات سلسبيلا لبان المروءات تتوارث مكنون سلسلة الحفاظ عليه الوالداتُ اللائي يُرضعنه سائغا بصلاحية مطلقة الجودة والكمال مقيدة الفترة ...
وبعدُ،
فإن الأمة،كل أمة، تنتابها ظروف وتتناوشها صروف فتغفو وتصحو لأسباب شتى،ولكنها لا تصفو إلا بلغتها حاضنة ذاتها فكرا وفناومنظومة أخلاق وقيم يصقلها المراس وتشحذ همم ذويها مطامحُ تتجدد مع مناخ الصفو وبه ..
والحكمة بالغة في عدم ارتباط العقيدة في بعدها الغيبي بلغة لتشبث كليهما بآليات بقائه الخاصة وبأداة مختلفة.
إن المتأمل في مصير اللغة العربية منذ سقوط الخلافة العباسية يجد أن اصطراعها مع ضرتها الأولى التركية كان فيه من العنف والتعنيف - رغم وحدة الدين وعربية الكتاب - بقدر ما في الاستيلاء على السلطة الزمنية من عصبية وعنصرية وقتالية وتمسك بلغتها إلى يوم الناس هذا- من هنا، واستئناسا بالتاريخ، ووقائعه المؤلمة، فقد كان استبعاد الترك والفرس وتُبَّعهم من الصقالبة والكرد للغة الوحي الأقدس ومعجزة سيد ولد آدم، من دواوينهم عملا عدوانيا لم تشف منه حروف
لاتينية ولاحروب شعوبية.
وليس في التمسك بالذات الحضارية أي عاب مالم يعتمر قلنسوة التعصب البغيض.
إن التعصب لا يلد إلا "شقفة"منه.
والغلو غلواء ماحقة، واللغة،أي لغة، ذاتُ الناطق بها ..وقد تكون اكثر من ذلكم.
ولأننا نحترم الآخر ،وندع الخلق للخالق،فلن تجدنا في نظام الاحادية بل الوحدوية والتفكير بدل التكفير ...
(صباحكم إيمان وإحسان).