من الذكريات الجميلة في ثانوية روصو..
( تدوينة معادة بمناسبة انعقاد مجلس الوزراء في تلك المعلمة )
في ثانوية روصو (اكزافييه كابولاني سابقا، و كان اسمه ما يزال محفورا على مدخلها حتى سنة 1977) لم نكن مجرد تلاميذ مشاكسين يغالبون و يعاكسون الإدارة!
كنا رغم حداثة السن وقلة الزاد المعرفي نتفاعل مع الأحداث الوطنية والعربية بكل اندفاع شأننا في ذلك شأن أبناء جيل السبعينات المتوثب....كنا نحسب أنفسنا "أصحاب دور"، و "حملة رسالة"!!
كنا متحمسين... كنا طموحين إلى حد الغرور!
كانت لنا أنشطة ثقافية وتعليمية متعددة...
كنا ننتظم في حلقات نقاش و جدال لا ينتهي إلا ليبدأ.. ننقاش كل شيء، و نختصم على كل شيء، ثم نعود لنجتمع على نفس مقعد الدرس، و نستقل نفس سيارة المرسيدس (19-24 ) المخصصة لنقلنا، أو نركب معا عربة يجرها حصان أو بغل، أو نمخر عباب النهر على متن مركب خشبي قد ينقلب في أية لحظة بفعل الحمولة الزائدة، أو نهدر بعض الوقت إلى جانب سيدات متأنقات يبعن بعض الحاجات في محيط الثانوية.. سيدات يدخن بشراهة في (بايب) معكوف في مشهد مثير لاستغراب (ولاتي) حديث الوجود في هذا المحيط!!
أسست و صديقي الكريم الدكتور محمد سالم الصوفي الإعلامي الموريتاني البارز في قناة (الجزيرة القطرية) و مدير المعهد العربي الثقافي الإفريقي في (باماكو) بعد ذلك، صحيفة تخيرنا لها تسمية "صدى النهر"!
ما زال اسم تلك الصحيفة المؤلفة من عدة ورقات مخطوطة يرن في أذني رغم مرور السنين!
و من أعجب ما رصدته أنه، و رغم وصول عدد الصحف والجرائد الحرة أرقاما فلكية، و رغم اختلاف عناوينها و تسمياتها بنفس المتتالية العددية أو أكثر؛ فإنني لا أذكر أن واحدة منها حملت هذا الإسم الجميل المستوحى من بيئة جميلة !!
في (روصو) ذلك الزمان كان هناك ماء وكانت هناك كهرباء، وكان هناك خبز ، وكان هناك ناس طيبون ينتمون لهذا الوطن بصرف النظر عن الجهة والقبيلة و العرق!
كيف لي و صحبي القادمين من " الشرق الأدنى" و "الشرق الأقصى" أن لا نتذكر ونذكر بمداد الوفاء تلك الأسرة الكريمة: أسرة الجمركي عبد الله في حي الجمارك و ابنها الطيب (القاري) الذي كان سبقنا للثانوية وابنتها و أمهم الشهمة المضيافة؟!
تلك عائلة من طينة هذا البلد الطيب! و كما أنني لا اذكر من أي قبيلة هي فإن أيا من أفرادها وهي تكرمنا كلما فجأناها بالزيارة لم يسأل يوما-على الأقل أمام أحد منا - من أي قبيلة نحن!
فلتلك الأسرة الكريمة كل وفائي وصحبي فهي ومن على شاكلتها مصل نجاة هذا البلد!