نظرة

أحد, 11/11/2018 - 00:58
لوحة جينفيرا دي بينتشي

 

حين نقف لنفكر في دراسة واقعة أو مشهد أو ظاهرة حسية أو معنوية نضع تصورنا الأوَّلِي و الذي شكّله السماع و الإدراك و المشاهدة السابقة و المؤثرات المختلفة، من محيط حسيٍّ و معنوي و وراثي 
و حتى طموح ذاتي خادع و حالم.
فهل نحن بكل هذه الحمولة الجبارة ننطلق 
من طاولة الفيلسوف الممسوحة؟
أم أنها غير موجودة لا في الواقع و لا في الخيال ؟
و أي طاولة نستخدم في الغالب؟
و حتى لو تجاوزنا جدلا عيوبَ وجود الطاولة و تجريدها من المؤثرات و لو كان ذلك سبحا في الخيال 
فهل نستطيع بتلك السباحة
 التحررَ من مضايقات الواقع و الحمولة المعرفية
المتقدمة على الدراسة الآنية؟
و هل وصل فلاسفة الماضي إلى درجة 
من درجات التجرد و التحرر؟
و هل استمرت تلك القبسات حتى نهاية
 تدوين رأي  حول ظاهرة ما ؟
أم أن التدوين نفسه و الألفاظ حملت هي الأخرى 
نصيبها من المعوقات؟
كأدوات التوجيه و التقنين مثلا.

إن مجرد التفكير يحمل محدداته و أقواسه و جدرانه ، 
فكيف إذا كان بلغة ما لها محدداتها الخاصة؟
و حين يُقنن ذلك التفكير بالكتابة و الحروف و الرموز ، و قدرة صاحبه في تلك اللغة و كتابتها يزداد ضيق الأفق
و تَقِل مجالات اختيار الأمثلة و الصور.

و من يدري لعلنا كنا أكثر حرية قبل ذلك التفكير و التصور 
و قبل وُلوج عالم التدوين الواسع في دائرة تَحَرُّكه 
المهملة في عالم الفضاء الأشمل.

شغف الفلاسفة و المفكرون بالولوج إلى المجالات الرحبة 
التي تسمح بالتجوال غير المحسوب مُسبقا و دون نتائج 
مطلوبة أو محبّبة و دون حتى تأثير مقصود على البداية 
و المسار و النتائج ، لكنهم لا يملكون تجاوز تأثير 
ما لا يُدركونه واقعا أو تخيلا
فهل هم بذلك مُقصرون في تحديد الطريق الأصوب؟
أم أن التقصير نفسه تكمن بداخله قوة دخولهم إلى 
هذا العالَم و مُناورة التقصير نفسه و في مجالات قوته.

غالب الظن في رأي مار ٍ من المارين العابرين ذلك الطريق 
أن التصور نفسه هو زيادة تصور و معلومات تحمل هي الأخرى غيمة من الضباب و لكنها تفتح نوافذ لمَن تكون السباحة هوايته المفضلة فقد يخدم المشروع بزيادة إيضاح أو تعتيم و بذلك يسجل حضوره الذي يمثل الحقيقة الوحيدة 
في المسار المنشود.

إبراهيم الأندلسي