محمد ولد محمدي (*)
زارت عُلَيُّ على شحط النوى سحرا فاعتاض جفنك من عذب الكرى سهرا
زارت فبات نظام الهم مجتمعـــــــــا شوقا وبات نظام الدمع منتثـــــــــــــرا
فالقلب يغلي وجفن العين يسعـــــــده بمدمع كلما كفكفته انحـــــــــــــــــــدرا
يا رُب مجتمعـــــات لا منار لهـــــــا من خاضها ركب الأهوال والغــــــررا
خاضت إلي ودوني من هوائلهــــــــا ما يستتيه عن القصد القطا الكُــــــــدرا
عهدي بها لم تزر جاراتها كســـــــلا واها لها كيف باتت تسلك الوعـــــــــرا
زارت معرس سفر بعد ما ارتحلـــوا شهــــــرا رواحا وتهجيرا ومبتكــــــرا
تخدي بهم راقصات العيس طاويــــة أخفافها من عراض البيد ما انتشــــــرا
تعلو الهضاب وصم الصخر حافيـــة ما إن تــــــــــرى نقبا فيها ولا دبـــــرا
بزلا سما الني في أثباجها وعلـــــــى غربانـــــــــها لبدت أذنابها الخطـــــــرا
باتت تشــــــق ظلام الليل نحـــــوهمُ يا عظم ما كلفت أوصالها الفتـــــــــــرا
ما أنس لا أنس والأيـــام مولعـــــــة بفرقة الشمــــــل إذ خالستها النظــــــرا
فأومأت بكحيل الطرف باسمـــــــــة نحوي لكي ما أرى أن الرقيب يـــــرى
أيام أحسو رحيق الوصل آمنـــــــــة نفسي ان احسوَ سم الصرم والصبـــــرا
ما كنت أحسب هذا الدهر تحدث لـي أحداثه من ليالي صفـــــــــــــوه كــــدرا
إني إذ الحبل أمسى من عليـــــــة ذا صــــــرم وامسى تدانيها نوى شطـــــرا
عديت عنها وعن جارتها وخـــــدت بي نجب فكري للمختار من مضـــــــرا
من يشغل الذهن منه في محاسنــــــه يستقبح اللعس المعسول والحــــــــــورا
لما برى كبدي ما قد جنته يـــــــــدي يممته صارفا عن غيره البصــــــــــــرا
وجهت وجهي إلى خير الورى وأرى لنفسي الفوز بالمطلوب والظفــــــــــــرا
وجهت وجهي إلى مغني الفقيــــر ألا إني لمعروفه من أفقــــــــــــر الفقــــــرا
وجهت وجهي لمحمود المقام ومقـــــ ــصود الأنام إذا الخطب الجليل عــــــرا
وجهت وجهي لذي الخلق العظيم وذي الـ ــمجد الصميم عديم الشكل والنظـــــــرا
وجهت وجهى إلى الهادي الأمين وقد وجهتــــــــه الملجأ المعهود والـــــوزرا
مولى الشفاعة في الهول العظيـــم إذا ما صد عنها جميع الرسل واعتــــــــذرا
منير صبح الهـــــدى للمهتدين بـــــه من بعد ما جن ليل الكفر واعتكــــــــــرا
به الى مهيع الحق اهتــــــدى نفــــــر وضلـــــه نفــــر من قولــــــه نفـــــــــرا
قد أنكروا ما أتى البر الصدوق بـــــه والبر أنزل في تصديقه الســــــــــــــورا
وأكثروا القول تكذيبا ولا عجــــــــب أن لا ترى الشمس عين تشتكي العــــورا
قد أخرست عن مقال الحق ألسنهــــم والضب أخبر لما استخبر الخبـــــــــــرا
واستصغروه وعابوا ما يليــــق بــــه والحــــــــق قد شق تعظيما له القمــــــرا
وقد سلوه فحن الجذع يطلبــــــــــــــه وجد المتيم بعد الوصل قد هجـــــــــــــرا
وخالفوه ففاض الماء منهمـــــــــــــرا لما دعاه ونادى فاندعــــــــى الشجــــــرا
والشمس عن صوبها ردت له ولـــــه قد اسبل المزن لما استمطر المطـــــــــرا
قصور قيصر أمست وهــــــي بارزة منه وإيوان كسرى انهد وانكســـــــــــــرا
وأخمدت منه نار طالما اضطرمــــت وغيــــــــض يمٌ خضم طالما زخــــــــرا
له من المعجزات الغـــــر جملــــة ما للانبيا قبلــــــــه منها قـــــد اشتهـــــــــرا
من الرياح ومن لين الحديد ومــــــــن نار غدا الحر منها البرد والخصـــــــــرا
من آيه وكفى القـــــرآن معجـــــــــزة ما كان من خارق في بدئــــــه ظهـــــرا
من صد عن آيه العظمى أعــــــــد له بواتر الهنــــد والخطيــــــة السمـــــــرا
والجرد جرد المذاكي القود حاملـــــة ربدا ضراغم في زي الوغى جســــــرا
مستلئمي حلق الماذيٍ يقدمهــــــــــــم شاكي السلاح يهز الصـــــارم الذكــــرا
ثبت الجنان وموج الموت ملتطـــــــم والحرب رامية من شهبها الشـــــــــررا
والبيض حمر وليل النقع معتلــــــــج والخيــــــل تزور من وقع القنا حـــــذرا
يخوض ثم بحار الموت مبتســــــــما تلك الجراءة بله الضيغم الهصــــــــــرا
لا يوجد الدهر إلا راكبا خطــــــــــرا أو هازما عسكـــــرا أو قاضيا وطــــرا
او مطرقا خفرا أو مظهــــرا عبــــرا أو قائدا شقرا أو طــــــــــــاردا أخـــــرا
أو سالكا سفرا أو مدمنا سهـــــــــــرا أو مخبرا خبرا أو قائــــــــــدا شقـــــــرا
أو قارئا سورا أو قائما سحـــــــــــرا أو مــــؤويا زمــــــرا أو مفنيا زمـــــــرا
ما زال يغدو وجند الله يـــــــــــؤزره والنصر يصحبه في كـل ما شجــــــــــرا
حتــــــــى استبد وبز الكفر دولتــــــه بالغزو واستعبد الأشـــــراف والأمـــــرا
وأصبحت ملة الإسلام واضحـــــــــة وعم نور هداه البـــــــدو والحضــــــــرا
يكفيك أن إله العرش صـــــــــــــوره كما يشاء ومنه صــــور الصــــــــــــورا
ما للنبيين عند الله مـــــــن شــــــرف إلا ومن سر فضل المصطفى انتشــــــرا
وكــــل علــــم مفيـــد قد افيـــد بمــــا يوحـــى إليه ومــا مــن قولــــه أثـــــــرا
لا لا تقس بالورى الماحي فذو خطــإ من قاسه بالــــورى لو لم يكـــن بشـــــرا
أثنــــى عليه بما قد كان ناسبــــــــــه رب العبـــــــــــاد فماذا يبلغ الشعـــــــرا
ما إن يحيط به ذهــــــــن ولا فكــــــر قد فات فضل النبي الذهــــــن والفكـــــرا
أهــــدى إليه قديما مـــن بدائعـــــــــه كعب وحســـان والهمــــزي ما كثــــــرا
اسدوا له وأنارو ثــــم ما بلغــــــــــوا كلا لعمرك من معشــــــــاره العشــــــرا
لكن أتوا فيه بالقدر الذي اقتـــــــدروا قبلي فهلهلت أقفــو منهــــــم الاثـــــــــرا
أرجو الأمان بمدحي حيث غيبنــــــي في اللحد قومي وعالوا فـــــوقي العفــــرا
وأن يعافيني المولى ويستـــــــــــر ما قد كان مني ليوم الحشـــــــــر مدخــــــرا
جعلته جنة دونـــــــي وثقـــــت بهــــا أن لا اصــــادف مما أختشــــي ضــــررا
إني استترت بأمداح النبـــــــــــي ولم يخش الفضيحــــــة ذو عيب به استتــــرا
إني على النفس والشيطان منتصــــــر بالمصطفى عز من بالمصطفى انتصــــرا
عليه أزكى صلاة الله ما سجعــــــــت ورق الحمام فهجــــــن الهــــم والذكـــــرا.
_______
(*) من أشهر شعراء موريتانيا عبر التاريخ