مع بداية النهضة الحديثة ظهر تأثر غير مسبوق لدى الكتاب العرب بالآداب الغربية وأعلامها. تأثر العقاد والمازني بالأدب الإنجليزي الرومانسي على وجه الخصوص فكتبا انطلاقا من ذلك التأثر ـ ومعهما شكري ـ كتابهما الشهير " الديوان". تأثرا في هذا الكتاب بالكاتبين والشاعرين الإنجليزيين ووردز وورث و اكلورايدج claridge worth words الذين ألفا معا كتابهما الشهير " المواويل الغنائية" فانتقدا فيه الكلاسيكية الغربية وروجا لشعر العاطفة والوجدان والشعر الذي يعتني بالطبقات الشعبية البسيطة فمهدا بذلك الكتاب لظهور الرومانسية الغربية. فأصدر العقاد والمازني كتيب" الديوان" فهاجما المدرسة الكلاسيكية بزعامة شوقي ودعوا إلى شعر العاطفة والوجدان والذاتية المفرطة في كتابة الشعر، بعيدا عن الغيرية ، فكان كتابهما ، أسوة بالكتاب الإنجليزي، من بواكير الرومانسية العربية.
وتأثر طه حسين وجماعته ،من جهة أخرى، بالرافد الآخر للثقافة الغربية يومها ، الرافد الفرنسي. "انبهر" طه حسين ، باتفاق الجميع ، بالغرب أيما انبهار ، وآمن بثقافته ونقلها بحذافيرها إلى الساحة العربية. وبدأ يجرب نظرياتها الجاهزة على الأدب العربي . فكان من ذلك كتابه ـ الزوبعة " في الشعر الجاهلي". ثم كتابه " حديث الأربعاء" الذي تناول فيه عصور الأدب العربي عبر مقالات يصدرها على أعمدة الجرائد المصرية يوم "الأربعاء" . فمن أين أخذ العميد هذا العنوان "حديث ألأربعاء"؟. أخذه دون شك عن طريق تأثره بالناقد الفرنسي الشهير " سينت بيف Saint Beuve " الذي تأثر بمنهجه النقدي وطبقه على العديد من النصوص العربية . كان " سينت بيف "يصدر مقالات نقدية كل يوم أثنين على أعمدة الصحافة الفرنسية. وسمى تلك المقالات النقدية ب (Causeries du Lundi ) أو "حدث الاثنين" .
أريد أن أكتب لكم بالاعتماد على ديوان الوالد ـ حفظه الله ـ ، وكما طلب مني بعضكم ، في أحد أيام الأسبوع حديثا أدبيا. فبأي أيام الأسبوع ـ في رأيكم ـ أسميه ، أحديث الاثنين أسوة بالناقد الفرنسي؟ ، أو حديث الأربعاء أسوة بعميد الأدب العربي ، أو حديث يوم آخر أختاره أو تختارونه أنتم من أيام الأسبوع ؟ . اليوم أكتفي لكم بإخراج صورة ديوان الوالد كما حققته سنة 1988 رسالة لتخرجي بمدرسة الأساتذة العليا بنواكشوط بإشراف الأستاذ المغفور له ألبو ولد أوفى وبنقاش كبار أساتذة المدرسة العليا للتعليم يومها : بوميه ولد أبياه ـ سيد أحمد ولد أحمد سالم ، إسلم ولد السبتي ./.