صدرت مؤخرا الطبعة الثانية من ديوان الشاعر الموريتاني سيدي عبد الله ولد محم ولد القاضي تلعلي الملقب بابن” رازكه”.
فقد ازدانت رفوف المكتبات بالطبعة الثانية من ديوان ابن ” رازكه” المتوفى سنة 1144 هجرية.
وتميز طبعة الديوان الجديد بعدة إضافات حوتها النسخة الجديدة من الديوان الذى جمعه و حققه الأستاذ: محمد سعيد ولد دهاه.
علاوة على أنها طبعة منقحة، فقد حوت بعض القصائد و المقطعات التى عثر عليها الباحثون فى بعض المكتبات بعد صدور الطبعة الأولى.
كما أن إعادة نشر الكتاب أصبحت ضرورة بعد نفاد الطبعة الأولى من المكتبات و تزايد الطلب عليه من الباحثين المهتمين بالشعر و الثقافة، الذين يجدون فى الكتاب مرجعا مهما و دقة فى المعلومات التى ضمنها المؤلف بين دفتي كتابه هذا.
فالحديث عن ولد رازگه – و الكلام هنا للدكتور محمد المختار ولد اباه حفظه الله فى تقديمه للطبعة الأولى من الديوان- ”الحديث عن سيد عبد الله بن محم يثير دائما أسئلة عن شخصيته و مكانته العلمية و منزلته الشعرية.
، و إذا حاولنا أن نمر بسرعة على تاريخ حياته التى لا نعرف عنها إلا قليلا من حوادث متفرقة يحيط بها الغموض و تكتنفها الأساطير، فإننا لم نتبين صورة واضحة عن هذه الشخصية الفذة: هل هو الفتى الذى يستوزره الأمراء، أم هو الأديب المتجول فى ربوع الغميم فى أقاصى الجنوب، إلى مكناسة الزيتون؟ أو هو العالم الورع و المدرس اللامع و المفتي؟
لقد استعرض الأستاذ محمد سعيد بن دهاه هذه الأسئلة و بين العقبات الجمة التى تحول دون إعطاء الأجوبة النهائية فى كل هذه القضايا، بل لقد قام بمحاولة رائدة فى سبيل الكشف عن بعض خفايا هذه الأسئلة و الأجوبة عليها”
و نترككم مع أول قصيدة بدأ بها المؤلف الديوان، كما بدأ بها ابن عمه أحمد بن الأمين الشنقيطي (المتوفى: 1331هـ) كتابه: الوسيط فى تراجم أدباء شنقيط، و هي فى مدح النبي صلى الله عليه و سلم ووصف نعله الشريفة:
غَرامٌ سَقى قَلبي مُدامَتَهُ صِرفا
وَلمّا يُقم لِلعَذلِ عَدلاً وَلا صَرفا
قَضى فيهِ قاضي الحُبِّ بِالهَجرِ مُذ غَدا
مَريضاً بِداءٍ لا يُطَبُّ وَلا يُشفى
نَهارِيَّ نَهرٌ بَينَ جَفنَيَّ وَالكَرى
وَلَيلِيَّ بَحرٌ مُرسَلٌ دونَهُ سَجفا
جَريحُ سِهامِ الحُبِّ عاثَ بِهِ الهَوى
فَأَبدى الَّذي أَبدى وَأَخفى الَّذي أَخفى
تَوَطَّنَتِ الأَشواقُ سَوداءَ قَلبِهِ
فَتَرفَعُهُ ظَرفاً وَتَحفِضُهُ ظَرفا
يُحاوِلُ سُلواني الأَحِبَّةَ عُذَّلي
وَهَل يَجِدُ السُلوانَ مَن يَفقِدُ الإِلفا
سَهِرنا فَناموا ثُمَّ عابوا جُفونَنا
لَقَد صَدَقونا المُرهُ لا تُشبِهُ الوُطفا
فَحَسبُ المُحِبِّ الصادِقِ الوِدِّ قَلبُهُ
جَفاءً بِشَكواهُ مَرارَةَ ما يُجفى
وَما ضَرَّ أَوصالَ المُحِبِّ مُقَوَّتاً
رَجاءَ وِصالِ الحِبِّ اِسناتُها عَجفا
لَئِن فاتَنا عَينُ الحَبيبِ فَإِنَّما
بِآثارِهِ الحُسنى اِكتِفاءُ مَنِ اِستَكفى
فَإِن لَم تَرَ النَّعلَ الشَريفَةَ فَاِنخَفِض
لِتِمثالِها وَاِعكُف عَلى لَثمِها عَكفا
وَقِف رائِماً إِشمامَ رَيّا عَبيرِها
حُشاشَةَ نَفسٍ وَدَّعَت جِسمَها وَقفا
وَلا تَرضَ في تَقبيلِ إِلفٍ تُحِبُّهُ
إِذا أَمكَنَ التَقبيلُ أَلفاً وَلا ضِعفا
إلى آخر القصيدة البديعة الرائعة.