1973
هلالك ميمون وبيتك عامر
وسيفك بتار فأنت المهاجرُ
وفي منبت الجوزاء غذتك كرمة
حصان وساقتك النجوم الزواهرُ
تطل علينا ما افترقنا فنرتوي
ونصدر ما عزت علينا المصادر
وتغر سفينا روح بدر شرارة
يهون لديها الخطب والخطب قاهرُ
ورفقة صدق من معد ويعرب
ربيع فراس بينها والمسافر
رفعت إليك الكأس يا زهرة السنا
وأعلنت حبي إن حبي غامرُ
حسام براه الوجد أبلى قوامه
فلم يبق إلا ظله والمحاجر
وما العشق أن لم تذو إلا تعلة
يلوذ بها من أخطأته النواظرُ
ويعذلني في الحب قوم عذرتهم
وكم ضاق ذرعا بالخليين ساهرُ
فيا ليل هلا تذرين مقامنا
بواد سليم إنني لك ذاكر
نرود من النجاد ما اخضر نبته
فطافت به آرامها والجآذرُ
وأيام تفدينا العشيرة عزة
بأكبادها أعرابها والحواضر
ويا ليل ما أحلى الوفاء بعهدنا
إذا رنقت صفو الغدير الهواجر
يحزُّ بنفسي مربع لك دارس
بتيماء لم تحبس عليه الأباعرُ
"كأن لم يكن بينَ الحجون إلى الصفا
أنيس ولم يسمر بمكة سامرُ"
فلا عرصت فيه الخطوب وصابه
غمام من الوسميِّ ريان عاطر
سلام عليها يا هلال ابن عامر
وقل لديها أن تفيض المشاعر
أضاربة يمناك دوني بشدها
من الكمت ميمون النقيبة ضامر
غدا عندما يحمي الوطيس أتاركي
كما يفعل الفرار أم أنت صابرُ؟
وقلت سلي البراق تلقى جوابه
وتشرين لما صبحته المعابر
ويوم اقتحمنا الليل بالجرد عنوة
ندى شطة أعرافها والحوافر
وحوران إني غير نكل لدى الوغى
إذا حلقت فوق الرؤوس الكواسرُ
لأولئك قومي ما بقيتُ وصبحتي
وإني لما ثاروا عليه لثائرُ
***
وداوية خرقاء أما نهارها
فآل وأما ليلها فهو كافر
تضل بها الربد الهوادي طريقها
ويغدو بها سرب القطا وهو حائر
قطعنا سماها نحن فيها كواكب
وجبنا ثراها نحن فيه المنابر
كأنَّ بها والخيل تذرو حزونها
هموم كما أربكتها الخواطر
وربة حربٍ أجج البغي نارها
صبرنا لها حيث العيون الشوازرُ
وكائن من العبدان يعدو على الحمى
ويدني حصان الخدر والجرح ناظر
أيرجون أن نلتفَّ عربيا بركبهم
كما نبصت خلف الرعاع الحاصر
يمدُّون بالزيتون كفا لئيمة
أصابعها فدعاء والزند قاصرُ
ويبدون أورادا زعافا صميمها
ويخفون عنا ما تكن السرائرُ
وما أقصر الأيام ما أصغر المنى
إذا علقت بالأخسئينِ المآثرُ
فلا صلح حتى تشرق الخيل بالقنا
وينشر في القتلى صلاح وجابر
ولا صلح حتى تشهدوها مغيرة
لطمها فوق الخدود المآزر
هنالك يكبو لليدين مصعر
ويجثو على الأذقانِ غاو وساحرُ
وتلقى عصاها يسقر بها النوى
كما قر عينا بالإياب المسافرُ
فلا ترقصوا فوق الرفات فتحته
براكين حقد سعرتها المقابرُ
ترون ضبابا في ظلام وخلفه
تضيء زحوف بيضها والمغافر
ومن لم يشاهد غيرما في قرابه
مضى ثم خانته الجدود العواثر
وما تحسر الأبصار ما يعمه السنى
ولكنما تعمى القلوب البصائرُ.
***
ألا يا اخسئي يا ذي الرموز الخوادر
فقد سقطت حزنا عليك المنابر
كثدييْ حمار الدبش لا در فيهما
إذا شخبت رسل الضروع المياسرُ
تحور على الأيتام في حرماتها
وتهرب مهما رف في السفح صافر
وشاهت وجوه كالحات تخالها
وجوه قرود تبتغي من تشاجرُ
تنافر أشتاتا بكل مخوفةٍ
كما نافرت عند الحليل الضرائرُ
وأجسام غيلان هزال غناؤها
منعمة أردافها والخواصرُ
وأدمغة جوف تجر عمائما
وللهيدبى أولى بها والضفائر
وضاعت بلاد ضيع الوهم أمرها
وفيها من الخذلانِ ناه وآمرُ
تباكي كما يبكي الوليد على الحبا
وتلهو إذا عدت عليها الخناصر
وما يصنع التاريخ علج منافق
ولا جاهل رخو العزيمة خائرُ
إذا أنت لم ترفض ولم تشهد الوغى
فبؤْ بالذي زرت عليه الكبائر
مكانك في الدنيا ذليل وخاملٌ
وذكرك في الأخرى لعينٌ وفاجرُ
***
فيا ثابتا يا أسمح الناس راحة
وأوسعهم خطوا إذا كل سائر
عقدناك فوق الحاجبين كرامة
وغضبة عصرٍ أثقلتهُ الجرائرُ
سهرت وقد نامت عيون كليلة
وفديت بالإقدام من لا يشاطر
وأقحمت حتى لا مناص لهاربٍ
وقاتلت حتى ما تحوم الجوازرُ
وآليت أن لا ينجب الدهر نكسة
وتلقاك إلا جبتها وهي عاقرُ
كلانا سواء في الحفاظ وعهده
إذا نزعت بالناكصين السرائر
سرينا إلى الزلفى على شق تمرة
وسارت بنا فوق الشموخ الفخائر
إليك أبا الهيجا حملت جنازتي
على رأس رمحٍ ثقفته المجازرُ
وقدمت للأحفادِ قربان طلقةٍ
على الدرب لا ما سدوته المحابر
فلا شعر إلا ومضة النار تصطلي
دم القلب فليخسأ خطيب وشاعرُ
ويا نبعة الإنسانِ يا نخلة الهوى
إليك صلاتي إذ تقام الشعائرُ
ويا جذوة أروى الكفاح زنادها
فغنت لها يوم الحصاد البيادر
ثقي بالذي جاشت إليه نفوسنا
وبالقادمِ الموعودِ زكاه حاضرُ
وإن نحن جاوزنا إلى الشام غزة
تداعى التداعي والزمان مكابرُ
هي الحرب خضناها جوادا وإنما
على زمرة الباغي تدور الدوائرُ.
___
قصائد أخرى للشاعر: