1972
ألم تر أن الشمس أغضى شعاعها
وإنَّ ظلام الليل قد طوق السبل
وأن ضياء الصبح أصبح يومه
سوادا وضوء الصبح طالعه انفسلْ
وأنّ نجوم الزهر أمست كأنها
جبال وما بالأرضِ صخر ولا جبلْ
فماذا جرى للدهر والدهر باسط
لنا وجهه أن آض للعجز والكسل؟
وما لليالي البيض تبدو كأنها
محاق فتكسو البدر ثوبا من الخجلْ؟
هو الموعود المنظور قد جاء وقته
فهزت له الدنيا من الخوف والوجل
أم الدين قد هد الزمان أساسه
بموت الفقيد الشيخ إذ نفد الأجلْ
بموت فقيد العلم نحل حبيب
وبدر العلى هادئ المحجة مذْ أفلْ
نعاه لنا الناعي فذابت قلوبنا
من الحزن والشكوى وسالت من المقلْ
***
وفاه بأن العلم أقفر ربعه
وإنَّ مهاد الحق للقبر قد نقلْ
ألأم تعلموا يا حاملي الشيخ قدر ما
على النعش من علم وحلم قد اكتملْ
ألم تعلموا يا حاملي الشيخ أنه
علا النعش قطب الدين يا عظم ما حملْ
دفنتم ببطن الأرض بحرا غطمطمًا
وشيدتم قبرا على العلم والعملْ
صديق حميم للعفاة ومنصف
وأعدى الأعادي للغة ومن جهلْ
وقور صبور لا يضيق بأزمة
ولم يستبيه الدهر بالحلي والحللْ
فداء لك الشيخ العزيز نفوسنا
من الموت لو يبغي بك الموت من بدلْ
أبا الحمد لا تبعد فندُّك إنما
على مثل هذا الجسر يوما قد ارتحلْ
أبا الحمد من للفضل بعدم... للهدى
ومن للأيادي البيض إن نشف الوشلْ؟
ومن لليتامى والأرامل إن جفا
زمان ومن للمعضلاتِ وما نزلْ
لقد كنت كهفا في الخطوب وملجئا
لمن نابه دهرٌ وأعدل من عدلْ
أقمت عقابا في العلوم مغردا
على رتبة فوق السماكينِ أو زحلْ
نظمت من التاريخ عقدا مفصلا
فقلدك التاريخ جوهرة المثلْ
وعشت لنا "باء" و"فاء" نعدها
ليال من الأدرانِ والجهل والزللْ
مضيت مع الحقِّ الذي كنت أسَّـهُ
بعيدا من الأدرانِ والجهل والزللْ
وصرت إلى المولى ليجزيك أجر ما
تحملت من عبء الديانةِ والكللْ
بنى الحبر صبرا لا يطاقُ احتمالهُ
فكلُّ فقيد بعد رزئكم جللْ
عزاء عن الشيخ الذي هو كنهنا
فأنتم له نعم الخليفة والبدلْ
وحزما فما أسداه أنتم حماته
وساسة ما أبقى جدودكم الأولْ
سقى الله قبرا حله صوب ديمةٍ
غدوا رواحا لا يميل ولا يملْ
ولا برحت رحمى الإله مهاده
تطف عليه الحور بالخمرِ والعسلْ
ويسحب في روض الجنان رداءه
ويشرب من حوض النبي على مهلْ
وجازاه رب العرش خير جزائه
بصالح ما أمضى وواضح ما فعلْ
وصلى على الهادي محمد الذي
به ختمت غر المحامد والرسلْ.
___
قصائد أخرى للشاعر: