علاقتنا بالحروف أعمق مما نتصور، لا سيما بالنسبة للشعراء والكتَّاب عموما، حيث يُنْظَرُ إليْها مُعادِلا مَوْضوعِيا للوُجود الحقيقي، فلا يبْدو الكوْنُ إلا سِفْرًا كبيرا؛ تقْرَأ حُروفَه بالبَصِيرةِ أكثر من البَصَرِ، ولا يرى الإنسانُ نفْسَه إلا سطْرا من سُطُور كتَّاب الوُجود المَنْظور، أكثر من الكتَّاب المَسْطور...
تناجي جواها: ها أنا هاهنا وحدي ... أيسعدن من دوني ويخذلني سعدي؟
أنا هاهنا وحدي، أعالج حسرتي ... وأخفي من الأشجان أضعافَ ما أبدي
وقد عودت أم القُرى ضيفَها القِرى ... أما لي قرىً فيها؟ أما ليَ من رفد؟
تخيرن في أم القرى فِلَذاتها ... فأصبحن فيها والحظوظ على وعد
ولم يبق لي إلا يتيم أبينه ... أأرغبُ فيمن هُن فيه على زهد؟